للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للنزاع، قال القاضي في آخر كتاب الجزيةِ: وهو مكروهٌ، والثاني: لا يَخْتَصُّ، لأَنَّ جَعْلَ الْبُقْعَةِ مَسْجِدًا كَالتَّحْرِيرِ، فَلَا مَعْنَى لاخْتِصَاصِهِ بِجَمَاعَةٍ وَهُوَ قَويٌّ، وقوله (كَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ) أي فإنَّهُ إذا شَرَطَ في وقفهما الاختصاص اخْتَصَّ قطعًا، ثُمَّ الخلافُ إذا جعل مآله عند انقراضِ المذكورينَ إلى عامَّةِ المسلمينَ فإنْ لم يَتَعَرَّضْ لَهُ ففيهِ خلافٌ آخرُ لاحتمال انقراضها، قال في الروضة: وَالأَصَحُّ أَو الصَّحِيحُ الصِّحَّةُ.

وَلَوْ وَقَفَ عَلَى شَخْصَينِ، ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا، فَالأَصَحُّ: الْمَنْصُوصُ، أي في حرملةٍ، أَنَّ نَصِيبَهُ يُصْرَفُ إِلَى الآخَرِ، لأنَّ شرطَ الانتقالِ إلى الفقراءِ انقراضَهُمَا جميعًا ولم يُوْجَدْ، وإذا امتنعَ الصرفُ إليهم فالصرفُ إلى مَن ذَكَرَهُ الواقفُ أَولى، والثاني: أنَّهُ يصرفُ إلى الفقراءِ؛ لأنَّ نَصِيبَهُمَا إذا انْقَرَضَا لَهُمْ، قال الرافعيُّ في شرحيه والْمُحَرَّرِ: والقياسُ وجهٌ ثالثٌ؛ وهو أنَّهُ لا يُصرفُ إلى صَاحِبِهِ ولا إلى المساكينِ بَلْ صَارَ الوقفُ في نصيبِ الْمَيِّتِ منقطعُ الوَسَطِ، وهذا الذي أبداهُ حكاهُ في شرحهِ يُعَدُّ وجهًا عن السَّرْخَسِيِّ في الكلامِ على مَا إذا وَقَفَ على أولادهِ بَطْنًا بعدَ بطنٍ وماتَ واحدٌ مِن الْبَطْنِ الأَوَّلِ.

فَصْلٌ: قَوْلُهُ: وَقَفْتُ عَلَى أَوْلادِي وَأَوْلادِ أَوْلادِي، يَقْتَضِي التَّسْويَةَ بَينَ الْكُلِّ، أي بين الأولادِ وأولادِ الأولادِ، والتَّسْويَةُ بينَ أفرادِ كُلِّ مِنْهُمَا لأنَّ المعطوفَ شريكِ المعطوفِ عليهِ، هذا إذا قلنا الواو لمطلقِ الْجَمْع كما هُو الصَّحِيحُ، فإن قلنا إنها للترتيبِ وهو ما حكاه الماورديُّ في باب الوضُوءِ عن أكثر أصحابنا فَيُرَتَّبُ ولم يذكروهُ هنا، وقد أدخلَ المصنِّفُ الأَلِفَ وَاللَّامَ على (كُلٍّ) وقد أجازهُ الأخفش والفارسي واستعملهُ الزجاجي في الجُمَلِ كما استعملَهُ المصنِّفُ هنا. والجمهورُ على منعِهِ، وَكَذَا لَوْ زَادَ مَا تَنَاسَلُوا، أي فإنه يقتضي التسوية بين الكُلِّ أيضًا، والمرادُ عليهِمْ وَعَلَى أَعْقَابِهِمْ مَا تَنَاسَلُوا، أَوْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، أي فإنهُ يقتَضِي التسويةَ أيضًا، والجمهورُ على أنَّ هذا يقتضي الترْتِيبَ أيضًا، كما لو قال: الأعلى فالأعلى أو الأقربُ فالأقرب كما أوضحتُهُ في الأصل فراجعه، وما جزَمَ بِهِ المصنِّفُ تَبَعَ فيه الفورانيُّ والبغويُّ فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>