للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَعْقَبَ فَنَصِيبُهُ بَينَ أَوْلادِهِ لِلذكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأْنثيَينِ، وَإِلا فَنَصِيبُهُ لِمَنْ في دَرَجَتِهِ، فَإذَا انْقَرَضُوا صُرِفَ إلَى إِخْوَتِي فُلانٌ وَفُلانٌ الْفقَرَاء؛ إلا أَنْ يَفْسُقُوا؛ اختصَّ بِالْجُمْلَةِ الأخِيرَةِ، وَذَكَرَ النُّحَاةُ المسألَةَ، وَلَمْ يَخصُّوهَا بِالْجُمَلِ، بل قالوا: إذا عَقَبَ الاستثناءَ معمولات، والعاملُ فيها واحدٌ، نحو اهْجُرْ بَنِي فُلانٍ وَبَنِي فُلانٍ وَبَنِي فُلانٍ إِلا مَنْ صَلُحَ، كان الاستثناءُ راجعًا إلى تِلْكَ المعمولاتِ، وَكَذَا لو تَكَرَّرَ العاملُ والمعمولُ في صفةٍ واحدةٍ كقوله تعالى: {إلا الَّذِينَ تَابُوا} (١٩٣) فقال ابنُ مالكٍ: الْحُكْمُ كَالْحُكْمِ فِيمَا إِذَا اتحَدَ الْعَامِل، وقيل: لا يكونُ الاستثناءُ إلَّا مِنَ الْجُمْلَةِ التِى تَلِيهِ وَهُوَ بَعِيدٌ. فَصْلٌ: الأظْهَرُ: أَن الْمِلْكَ في رَقَبَةِ الْمَوْقُوفِ يَنْتَقِلُ إِلَى اللهِ تَعَالى؛ أَي يَنْفَكُّ عَنِ اخْتِصَاصِ الآدَمِيّ، فَلَا يَكُونُ لِلْوَاقِفِ وَلَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيهِ، هاتان مسألتان، الأولى: هل يزولُ مِلْكُ الواقفِ عن رقبةِ الموقوفِ؟ فيه تفصيلٌ؛ فإنْ جعل الأرض مسجدًا أو الأرضَ مقبرةً ونحوهُ فهو تَحْرِيرٌ لَا يَقتضِي تَمْلِيكًا كما جَزَمَ بِهِ الرافعيُّ، وقيل: يقتضيه. وإن كان الوقفُ على جهةٍ عامةٍ أو على مُعَيَّنٍ؛ وهي مسألةُ الكتاب: فقولان: أصحهما أنَّ المِلكَ ينتقلُ عن الواقف كالعتق، والثاني: لا بدليل اتِّبَاع شَرْطِهِ. الثانية: إذا فرَّعنا على الانتقال وهو الأظْهَرُ، فَإِلَى مَنْ يَنْتَقِلُ؟ فيه طرقٌ؟ أظهرُهَا: كما اقتصرَ عليه المصنِّفُ حكايةَ قولينِ أصحهُمَا أنهُ ينتقلُ إلى اللهِ تعالى، ومعناه انفكاكُهُ عَنِ اختصاصِ الآدمينِ كالعتق، والثاني: أنه ينتقلُ إلى الموقوفِ عليه كالصدقة، والثاني: القطع بالأول، والثالث: القطع بالثاني، وَمنافِعُهُ مِلْكٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيهِ؛ لأنَّ ذلك هو مقصودُ الوقفِ، يَسْتَوْفِيهَا بنَفْسِهِ أَوْ بِغَيرِهِ بإعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ، كسائرِ الأمْلاكِ، اللَّهُمَّ إلا أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ على أَنْ يَسْكُنُهَا فَلَيسَ لَهُ الإسْكَانُ، وفي المنع مِن إِعَارَةِ بَيتِ الْمُدَرِّسِ في المدرسةِ الذي جعل لسكناهُ نظرٌ، وَيمْلِكُ الأجْرَةَ، أي فيما إذا أجَّرها عند الإطلاق لأنَّها من المنافع، وَفوائِدَهُ كَثَمَرَةٍ وَصُوفٍ وَلَبَنٍ،


(١٩٣) البقرة / ١٦٠، وآل عمران / ٨٩، والنساء / ١٤٦، والمائدة / ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>