للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَبِعَ الإمامَ؛ والمتولِّي لم يُصَحِّحْ في المسألةِ شيئًا، وكذا الماورديُّ وصاحبُ المهذبِ، والثاني: لا تُباع لأنها عَينُ الوَقْفِ، بل تُتركُ بحالِها أبدًا، كما لو وَقَفَ أرضًا فَخَرَبَتْ، واستبعدَهُ الإمامُ، لكنهُ الْمُصَحَّحُ في التهذيبِ والبيانِ، وبهِ جَزَمَ الْجُرْجَانِيُّ في شافيهِ حيث قال: ولو وقف حصيرًا أو جذوعًا على مسجدٍ فَبَلِيَ لم يَجُزْ بَيعُهُ وَلَا نَقلهُ إلى مسجدٍ آخرَ، لكن يُنتفَعُ بِهِ في تسقيفٍ أو طبخِ جص أو آجُر للمسجد. انتهى. أما إذا صلحت لأنْ ينتفعَ بِها في الوقفِ أدنَى انتفاع فيبقى قطعًا، فعلى الأول قالوا يصرفُ ثَمَنُهَا في مصالح المسجدِ، والقياسُ كما قال الرافعي: أن يُشترَى بِثَمَنِ الْحَصِيرِ حَصير، ولا يصرفُ إلى منفعةٍ أخْرَى، ويُشْبِهُ أَنْ يكونَ هو المرادُ لإطلاقِهم، والخلافُ جارٍ في الدَّارِ الْمُنْهَدِمَةِ وَالْمُشْرِفَةِ على الانهِدام؛ والجذع المشرف على الانكسارِ، قالهُ الرافعي ومقتضاهُ جوازُ البيعُ، وبه صرح الحاوي الصغير لكن المنقول: المنعُ كما أوضحتُهُ في الأصلِ، ونقلَهُ الإمامُ عن الأكثرينَ في المشرفةِ على الانهِدَامِ، وجميعُ ما ذكرنَاهُ في حُصُرِ المسجدِ، ونظائرها هو فيما إذا كانت موقوفةً على المسجدِ. أما ما اشتراهُ الناظرُ للمسجدِ أو وَهَبَهُ لَهُ وَاهِبٌ وَقَبِلَهُ الناظرُ فيجوزُ بيعُهُ عندَ الحاجةِ بلا خلاف كما نَقَلَهُ الرافعيُّ لأنه مِلْكٌ، قال في الروضة: هذا إذا اشتراهُ الناظرُ ولم يَقِفْهُ، فأما إذا وَقَفَهُ فإنهُ يصيرُ وَقْفًا قطعًا وتجري عليهِ أحكامُ الوقفِ.

وَلَو انْهَدَمَ مَسْجِدٌ وَتعَذَّرَتْ إِعَادتُهُ لَمْ يُبَعْ بِحَالِ، كالعبد إذا عُتق ثم زَمِنَ، وليس كجفاف الشجرةِ لِتَوَقع العمارةِ ولإمكانِ الصَّلاةِ في عَرَصَتِهِ، وكذا لو تَعَطلَ المسجدُ بِتَفَرُّقِ الناسِ عن البلدِ أو خَرَابِهَا فإنهُ لا يباعُ أيضًا بل إن لم يَخَفْ مِن أهلِ الفسادِ نَقْضُهُ لم يُنْقَضْ وإن خِيفَ نُقِضَ وَحُفِظَ نَقْضُهُ، وإن أراد الحاكمُ أن يُعَمِّرَ بهِ مسجدًا آخرَ جازَ وما كانَ أَقْرَبَ إليهِ فَهُوَ أَوْلى.

فَرْعٌ: قال الجرجاني في الشافي: لو وقفَ دابَّةً فَزَمِنَتْ، أو شجرةً فَجَفتْ، فقولان؛ أحدهما: لا تُباعُ كما لو وَقَفَ دارًا فَانهَدَمَتْ وَصَارَتْ بَرَّاحًا لا يُنتفعُ بِها، والثاني: تُباعُ ويُصرفُ ثَمَنُهَا إلى الموقوفِ عليهِ، لبطلانِ الانتفاع بالأصلِ رأسًا بخلاف الْبَرَاح، وحكَى القاضي أبو الطيب الخلافَ من غيرِ ترجيحٍ أيضًا لكنَّهُ حكاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>