للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ: لو قال: جَعَلْتُهَا لَكَ عُمْرِي أوْ عُمْرَ زَيدٍ؛ فالأصحُّ: البطلانُ لخروجِهِ عنِ اللفظِ المعتادِ.

وَلَوْ قَال: أَرْقَبْتُكَ أَوْ جَعَلْتهَا لَكَ رُقْبَى؛ أَي إِن مُتَّ قَبْلِي عَادَتْ إِلَيّ، وَإن مُتُّ قَبْلَكَ اسْتَقَرَّتْ لَكَ، فَالْمَذْهَبُ طَرْدُ الْقَوْلَينِ الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ، أي فعلى الجديد (•) يصحُّ هبةً وَيَلْغُوا الشَّرطُ لقوله عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ [لا تُعْمِرُوا وَلَا تُرْقِبُوا فَمَنْ أَرْقَبَ شَيئًا أَوْ أَعْمَرَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ] رواه أبو داود والنَّسائيّ (٢٠٢)، والقديم البطلانُ، والطريق الثاني: القطعُ بالبطلانِ. وقوله (أَي) هِيَ تَفْسِيرِيَّةٌ ومقتضاهَا أنَّه لم يُصَرِّحْ بالشَّرطِ المذكورِ، وقطع الماوردي فيما إذا صَرَّحَ بهِ بالبطلانِ لمنافاتِهِ حُكمَ الْمِلْكِ لكن تعميمُ الخلاف هو الظاهرُ لأنهُ إذا كان معناها وتفسيرها كذلك فلا فَرْقَ بَينَ أنْ يُصَرِّحَ به أمْ لا، وحاصلُ المذهبِ صِحَّةُ العُمري والرُّقْبَى في الأحوالِ الثلاثِ.

فَائِدَة: الْعُمْرِي مِنَ الْعُمْرِ، وَالرُّقْبَى مِنَ الْمُرَاقَبَةِ، فكلٌّ منهما يرقبُ موتَ صاحبه؛ وكانا عقدين في الجاهلية.

فَصْلٌ: وَمَا جَازَ بَيعُهُ، أي من الأعيان، جَازَ هِبَتُهُ, لأنَّ الْهِبَةَ تَمْلِيكٌ نَاجِزٌ كالبيع. وحذف التاء من (جَازَ هِبَتُهُ) لِمُشَاكَلَةِ (جَازَ بَيعُهُ) ولأنَّ تَأْنِيثَ الْهِبَةِ غَيرُ حَقِيقِيٍّ، واحترزنا بالأعيان عن الدَّينِ، وعن بيع الأَوْصَافِ سَلَمًا في الذِّمَّةِ، فإنَّه جائزٌ؛ ولا تجوزُ الهبةُ على نَحْوهِ مثلَ أن يقول: وَهَبْتُكَ أَلْفًا في ذِمَّتِي وَيُعَيِّنُهُ في المَجْلِسِ وَيَقْبِضُهُ كما صَرَّحَ به القاضي والإِمامُ، وَمَا لا، أي وما لا يجوزُ بَيعُهُ، كَمَجْهُولٍ وَمَغْصُوبٍ وَضَالٍّ، أي وآبقٍ، فَلَا، لِمَا قُلناهُ، ويُستثنى من المجهرلِ هبةُ الموقوف إلى الاصطلاح للضرورة ذَكَرَهُ الرافعيُّ في الْفَرَائِضِ، وكذا مسألةُ اختلاطُ حَمَامِ الْبُرْجَينِ كما سيأتي في بابهِ.


(•) في النسخة (١): الصحيح.
(٢٠٢) رواه أبو داود في السنن: كتاب البيوع: باب من قال فيه ولعقبه: الحديث (٣٥٥٦).
والنَّسائيّ في السنن: كتاب في العمري: باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر جابر في العمري: ج ٦ ص ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>