للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

موات أو شارع أو مسجد ليخرج ما إذا وجد في أرض مملوكة فإنَّها للمالك، وهكذا حتَّى تَنْتَهِي إلى المحيِي، فإن لم يدعه فحينئذ يكون لُقَطَةً، وأن يكون فِي دار الإسلام أو دار الحربِ وفيها مسلمونَ، أما إذا لم يكن فيها مسلمٌ؛ فما يوجد فيها غنيمةٌ خُمسها لأهل الْخُمْسِ والباقي للواجدِ.

فَصْلٌ: وَمَنْ أَخَذَ لُقَطَةً لِلْحِفْظِ، أي وَصَحَّ الْتِقَاطُهُ، فَهِيَ أَمَانَةٌ أَبَدًا؛ فَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى الْقَاضِي؛ لَزِمَهُ الْقَبُولُ، لأنه ينقلها من أمانة إلى أمانة أوثق منها وأصلح لصاحبها، وهذا بخلاف الوديعة من غيرِ ضَرورة لا يلزمُهُ القُبُولُ على الأصَحِّ، لأنه قادرٌ على الردِّ إلى المالِكِ، وَلَمْ يُوجِبِ الأَكْثَرُونَ التَّعْرِيفَ وَالْحَالُ هَذِهِ، لأنه إنما يجبُ لتحقق شرط الملك، والحديث إنما ألزمه بالتعريف لَمَّا جعلها له بعده، والمختارُ الوجوبُ لئلا يكون كتمانًا مفوِّتًا للحَقِّ على صاحبه، نعم؛ قد يقالُ الْكِتْمَانُ إِنِّمَا يَكُونُ إِذَا طَلَبَ مِنهُ فَكَتَمَ وَبِدُوْنِهِ لَا يَكُونُ كِتْمَانًا، ويبعد أن يجب عليه أن يعرف لأجلِ غيرِهِ، وينبغي أنْ يقال: الواجبُ عليه أَحَدُ أَمْرَينِ، إِمَّا التَّعْرِيفُ وَإمَّا رَفْعُ يَدِهَ عَنْهَا، فَلَوْ قَصَدَ بَعْدَ ذَلِكَ خِيَانَةً لَمْ يَصِرْ ضَامِنًا فِي الأَصَحِّ، كالمودع لا يضمن بِنيَّةِ الخيانَةِ على الأصح، والثاني: يصيرُ مضمونًا؛ لأنَّ سبَبَ أمانتِهِ مُجَرَّدُ نِيَّةٍ، وإلا فأخذُ مال الغير بغير إذنه؛ ورضاهُ؛ مما يقتضي الضمانُ؛ بخلاف المودع؛ فإنه مُسَلَّطٌ مُؤْتَمَنٌ من جهة المالك، وَإنْ أَخَذَهُ بِقَصْدِ الْخِيَانَةِ فَضَامِنٌ، عملًا بقصده، وَلَيسَ لَهُ بَعْدَهُ أَنْ يُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ عَلَى المَذْهَبِ، كما أن الغاصب ليس له التملك، قال في أصل الروضة: وبهذا قطع الجمهور، والطريق الثاني: فيه وجهان؛ وعليهما اقتصر الرافعي في الشرح الصغير أحدهما: هذا؛ والثاني: أنَّ لَهُ التَّمَلُّكَ لِوُجُودِ صُوْرَةِ الالْتِقَاطِ وَالتَّعْرِيفِ، وَإِنْ أَخَذَ لِيُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ فَأَمَانَةٌ مُدَّةَ التَّعْرِيفِ، كالمودع، وَكَذَا بَعْدَهَا مَا لَمْ يَخْتَرِ التَّمَلُّكَ فِي الأَصَحِّ، كما قبل الحول؛ لكن إذا اختار، وقلنا لا بد من التصرف فحينئذ تكون مضمونة عليه كالقرض، وقال الغزاليُّ وشيخُهُ: تكونُ مضمونةً عليه وإن لم يتملكها، لأنه صارَ مُمسكًا لنفسه فَأَشْبَهَ الْمُسْتَامَ، وَيَعْرِفُ جِنْسَهَا، أي أَذَهَبٌ هُوَ أَوْ غَيرُهُ، وَصِفَتَهَا، أي أَهُرَويَّة أَمْ مَرُويَّةٌ، وَقَدْرَهَا، أي بوزنٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>