٢٤١ طبعة الحسينية) واختصره بعض الاختصار، وحرَّفه بعض التحريف، وإن أتى بجملته ومعناه تقريبًا, ولا بأس، ولكنَّ في هذه الرواية شيئًا من الشذوذ، تحتاج معه إلى نقد وفحص؛ فليس من منطق الحروب ولا منطق الولايات أن يعهد الأمير الأكبر أو القائد الأعلى إلى من دونه من القواد والولاة بعهد ثم يعهد في الوقت نفسه إلى الجند أو إلى من دون القائد والوالي ممن يأتمرون بأمره بعهد آخر خاصٍّ بهم، بل المعروف في الدنيا كلها، وفي تاريخ الولايات في صدر الإِسلام خاصة، أن الأمير أو القائد له الطاعة الكاملة على من هو في ولايته من الجند والقواد، حتى لو كان أرفع درجة منه أو أقدم إسلامًا وهجرة، والمثل على ذلك حاضرة، يعرفها كل من قرأ شيئًا من التاريخ. فهذه الرواية إما أن يكون فيها شيء من الخطأ من رواتها، وإما أن يكون أبو قتادة - رضي الله عنه - ومن معه من الأنصار سمعوا شيئًا من أبي بكر، ظنوه عهدًا خاصًّا إليهم، فأخطؤوا سمعه أو فهمه، ثم أخطؤوا فيما ذهبوا إليه من الخلاف على خالد، فلما استبانوا خطأهم، بعد أن سار وتركهم، أرسلوا وراءه من استمهله حتى أدركوها ندمًّا على ما كان منهم، ودخلوا معه في أمره.
وفي الطبري رواية أخرى تساير منطق الحوادث، وتساير منطق العهود والولايات (٣: ٢٢٥) فهي تقول: "لما أراح أسامة وجندُه ظهرهم، وجمُّوا، وقد جاءت صدقات كثيرة تفضُل عنهم، قطع أبو بكر بالبعوث وعَقَد الألوية، فعقد أحد عشر لواءً، عقد لخالد بن