قد حفل بالعلم، وانكب عليه وأخلص له، فسعد بسببه، وعرف به، وقدر لأجله، وستقرأ صورته بطبعه السمح، ونفسه الطيبة، وقدرته على الإتقان، وتنتقل من ذلك إلى وصفه في ثقافته وعلمه، وهما يتكوّنان ثم يتوسعان ثم ينتجان، ويبدو لك بعد ذلك أدب براق، وشعر لطيف، فتتشوق إلى معرفة رأي الرجل، فتراه متحمسًا يعتقد وجوب الأخذ بشيء من التفكير والعقل، والوقوف عند نصوص الشرع، حتى إذا شاهد من لا يوافقه على رأيه، لم يخش من الكيل له بما يراه يستحقه، يخاصمه مستترًا بأقوال غيره فيه، يورد أشدها وأقواها دون أن يبدي رأيه فيه، أو يرفع صوته في استنكار أعماله، ولكن خصومه لا يقفون حيارى، بل يتناولونه بألسنتهم الحداد، ويتهمونه بما يرونه مستحقًّا له، ويضطرب رأيك فيه بعد الذي تسمع في نقده، وتود لو سمعت قول المنصفين ليتبين لك الحق، فترى أئمة المؤرخين معجبين به، مجلين له، معتقدين كماله وإتقانه، وتستخلص من ذلك صورة تختم بها رأيك فيه فتجده من خيار الناس الذين يكونون مجد الأمم، ويخدمون تراث العلم".
وصنف الأستاذ يوسف كتابه هذا تصنيفًا علميًّا دقيقًا، فقسمه إلى أبواب:
١ - عصر الخطيب.
٢ - حياته في العلم وللعلم.
٣ - صورته بمزاياه وطبعه.
٤ - مصادر ثقافته وينبوع أثره.
٥ - تعداد شيوخه وأقرانه وتلامذته.
٦ - تسمية ما ورد به دمشق من روايته من الأجزاء المسموعة