للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصحيحه بباطله أيضًا، بحيث لا يمكن للمدقق المتدبر أن يقرأها إلا بتحفظ، وأن يتردد كثيرًا في أخذها حقائق وروايات تاريخية موثوقة أو مقاربة؛ ذلك لأن القديم منها لم يدون إلا بعد أمد طويل" (ص ٧).

ويقول فيها أيضًا (ص ١١): "وإذا كان يصح أن يحيك في صدر امرئ شبهات كثيرة في ما روته كتب السيرة وغيرها من روايات بسبب تأخر تدوينها، وما يمكن أن يكون قد اعتور حفظ الصدر وصحة النقل من لبس، وما يمكن أن يكون قد تسرب إلى الروايات من أصابع الأهواء والميول والأغراض والصنعة والتلفيق، فإن القرآن هو من جميع هذه الشوائب فوق كل مظنة" ... إلخ.

وتجد هذا المعنى مبثوثًا في ثنايا الكتاب في مواضع متفرقة: التعلل بتأخر التدوين لرد الروايات التي رويت عن سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن بيئته وعصره، واتخاذ هذا التعلل تكأة لإنكار كل مروي، صحيح أو غير صحيح، في كتب السير أو في غيرها، حتى يعم "كل كلام مما روي من كلام ذلك العصر والبيئة"! فإن لم يكن هذا إنكارًا لصحة الأحاديث، ونفيًا لكل رواية إسلامية عن آثار رسول الله وعصره فما ندري ماذا يكون الإنكار والتكذيب! !

إني كنت وأنا أقرأ الكتاب إذا مرت بي كلمة من نحو هذه الكلمات أكاد أظن أني أقرأ كلمة من كلمات جلدزيهر ومرجليوث وأمثالهما من المستشرقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>