وفي كلامك هذا (أيدك الله) نظر أستميحك السماح في بيانه، وهو أن من الغريب حسب الفن مطالبة النافي بالدليل والأصل معه! وإنما يحتاج المثبت إلى الدليل، ولعلك (ثبتك الله) تقول قد قام الدليل عليه، وهو ظاهر الآية، بناء على ما ذكرته في صفحة (١١٨) حيث تقول: "والظاهر من سياق الآيتين أن قوله: {وَأَشْهِدُوا}. راجع إلى الطلاق وإلى الرجعة معًا" إلى آخر ما ذكرت، وكأنك (أنار الله برهانك) لم تمعن النظر هنا في الآيات الكريمة، كما هي عادتك من الإمعان في غير هذا المقام، وإلا لما كان يخفي عليك أن السورة الشريفة مسوقة لبيان خصوص الطلاق وأحكامه، حتى إنها قد سميت بسورة الطلاق، ولابتداء الكلام في صدرها بقوله تعالى:{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}. ثم ذكر لزوم وقوع الطلاق في صدر العدة أي؛ لا يكون في طهر المواقعة، ولا في الحيض، ولزوم إحصاء العدة وعدم إخراجهن من البيوت، ثم استطرد إلى ذكر الرجعة في خلال بيان أحكام الطلاق، حيث قال عز شأنه:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} أي؛ إذا أشرفن على الخروج من العدة فلكم إمساكهن بالرجعة، وتركهن على المفارقة، ثم عاد إلى تتمة أحكام الطلاق فقال:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}. أي في الطلاق الذي سيق الكلام كله لبيان أحكامه، ويستهجن عوده إلى الرجعة التي لم تذكر إلا تبعًا واستطرادًا، ألا ترى لو قال القائل: إذا جاءك العالم وجب عليك احترامه وإكرامه وأن تستقبله، سواء جاء وحده أو مع خادمه أو رفيقه، ويجب المشايعة وحسن الموادعة، فإنك لا