وكتب في الشؤون السياسية المصرية عشرات من المقالات في الصحف، أبانت عن بعد نظره، وصدق فراسته، حتى لقد توقع فيها كثيرًا مما كان بعد سنين، إذ درس مرامي السياسة الإنكليزية، في شؤون الأمة المصرية والأمة الإسلامية، وعرف كيف يسعون إلى نيل مقاصدهم حتى لقد كنا في العهد القريب، إذا ادْلهمَّ الخطبُ، واضطربت الأمور رجعنا إلى مقالاته في الظروف المشابهة لها، فوجدنا أنهُ يكاد يصف ما نحن فيه، وكأنهُ يكتبهُ حين قرأناه وكأنهُ ينظر إليه بنور الله.
ولم يفكر يومًا واحدًا في خوض معترك الأحزاب المصرية، بل كان يترفَّع عن أن يُسلم مَقادَه إلى أحدٍ من الناس، كائنًا من كان، كما أَبَى من قبلُ أن يعودَ إلى إسارِ المناصب الحكومية، وكان يقول للزعماء والقادة قولة الحقّ، فينقد خطأ المخطئ ويمدح صواب المصيب، وعن ذلك كان يظنُّ كثيرٌ من الناس أنَّ لهُ هوًى أو ضلعًا مع بعض الأحزاب أو الزعماء؛ إذ كان يكثرُ خطأ المخطئ، فيُكْثرُ من نقده والنصيحة لهُ، فيظنُّ المنتقَدُ أو أنصارُه وأتباعُه أن الناقد من خصومه، أو من أنصار خصومه.
وبجانب هذا لم يَدَعْ مسألة شرعية أو اجتماعية أثيرت في الصحف، بما يتعلق بشؤون الإسلام والمسلمين، إلَّا قال فيها ما يراهُ حقًّا وصوابًا، وصَدَعَ بما أمر الله به الدعاة والهداة، وأعْرَضَ عن المنكرين، ثقةً بربّهِ، وتوكلًا عليهِ؛ إذ كان أبرزُ سجاياه، أنهُ صُلْبٌ في