للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القبائل، ورووا طرق رسمه في الصحف، وألفوا في ذلك كتبًا؛ لو حدثتكم عن شيء منها لأخذكم العجب، ولعل بعضكم يكون أعلم بها مني، وحفظ المسلمون أيضًا عن نبيهم كل أقواله وأفعاله وأحواله، وهو المبلغ عن ربه والمبين لشرعه والمأمور بإقامة دينه، وكل أقواله وأفعاله بيان للقرآن.

وهو الرسول المعصوم والأسوة الحسنة، اسمعوا قوله - تعالى - في صفته: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم: ٣ - ٤]، وقوله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}. [النحل: ٤٤]، وقوله أيضًا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١].

وقد كان عبد الله بن عمرو بن العاص يكتب كل شيء يسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنهته قريش، فذكر ذلك للرسول، فقال: "اكتب، فوالذي نفسي بيده، ما خرج مني إلّا حق". ففهم المسلمون من كل هذا أنه يجب عليهم أن يحفظوا عن رسولهم كل شيء، وقد فعلوا وأدوا الأمانة على وجهها، ورووا الأحاديث عنه، وبعضها متواتر: إما لفظًا ومعنى، وإما معنى فقط، وبعضها مشهور، وبعضها بالأسانيد الصحيحة الثابتة، مما يسمى على قواعد المصطلح: الحديث الصحيح والحديث الحسن، ولم يحتجوا في دينهم بغير هذه الأنواع التي لا يعارض فيها إلا جاحد أو مكابر.

وقد بين الإمام الحافظ أبو محمد بن حزم هذه الأنواع في كتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>