للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقالت الجهمية لما وصفنا اللَّه بهذِه الصفات: إن زعمتم أن اللَّه ونَوره واللَّه وقدرته، واللَّه وعظمته، فقد قلتم بقول النصارى حين زعموا أن اللَّه لم يزل ونوره. ولم يزل وقدرته.

قلنا: لا نقول: إن اللَّه لم يزل وقدرته. ولم يزل ونوره. ولكن نقول: لم يزل بقدرته ونوره، لا متى قدر ولا كيف قدر.

فقالوا: لا تكونوا موحدين أبدًا حتى تقولوا: قد كان اللَّه ولا شيء.

فقلنا: نحن نقول: قد كان اللَّه ولا شيء. ولكن إذا قلنا: إن اللَّه لم يزل بصفاته كلها، أليس إنما نَصِف إلهًا واحدًا بجميع صفاته؟ !

وضربنا لهم في ذلك مثلًا فقلنا: أخبرونا عن هذِه النخلة أليس لها جذع وكرب وليف وسعف وخوص وجمار؟ ! واسمها اسم شيء واحد، وسميت نخلة بجميع صفاتها، فكذلك اللَّه -وله المثل الأعلى- بجميع صفاته إله واحد، لا نقول: إنه قد كان في وقت من الأوقات ولا يقدر حتى خلق له قدرة، والذي ليس له قدرة هو عاجز، ولا نقول: قد كان في وقت من الأوقات ولا يعلم حتى خلق له علمًا فعلم، والذي لا يعلم هو جاهل، ولكن نقول: لم يزل اللَّه عالمًا قادرًا، لا متى ولا كيف، وقد سمى اللَّه رجلًا كافرًا اسمه الوليد بن المغيرة المخزومي فقال: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} وقد كان هذا الذي سماه اللَّه وحيدًا له عينان وأذنان ولسان وشفتان ويدان، ورجلان، وجوارح كثيرة، فقد سماه اللَّه وحيدًا بجميع صفاته، فكذلك اللَّه -وله المثل الأعلى- هو بجميع صفاته اله واحد.

"الرد على الجهمية والزنادقة" للإمام أحمد ص ١٣٠ - ١٣٤

<<  <  ج: ص:  >  >>