فقلت لأبي عبد اللَّه: سألتك فسكت، ولم تخبرني! فتبسم، وقال: ما أحب أن أتكلم في الشيء الذي لم يتكلم فيه، فأكره أن أبتدعه.
"السنة" للخلال ٢/ ٢٢٣ - ٢٢٤ (١٨٥١)
قال الخلال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قال اللَّه في كتابه: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}[التوبة: ٦] فجبريل سمعه من اللَّه، وسمعه النبي من جبريل عليهما السلام، وسمعه أصحاب النبي من النبي عليه السلام، والقرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ولا نشك ولا نرتاب فيه، وأسماء اللَّه في القرآن وصفاته في القرآن من علم اللَّه وصفاته منه، فمن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر، والقرآن كلام اللَّه غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، فقد كنا نهاب الكلام في هذا حتى أحدث هؤلاء ما أحدثوا، وقالوا ما قالوا، دعوا الناس إلى ما دعوهم إليه، فبان لنا أمرهم وهو الكفر باللَّه العظيم.
ثم قال أبو عبد اللَّه: لم يزل اللَّه عالمًا متكلمًا، نعبد اللَّه بصفاته غير محدودة، ولا معلومة إلا بما وصف بها نفسه، سميع عليم، غفور رحيم، عالم الغيب والشهادة، علام الغيوب، فهذِه صفات اللَّه تبارك وتعالى وصف بها نفسه، ولا تدفع ولا ترد، وهو عنى العرش بلا حد كما قال، استوى على العرش كيف شاء، والمشيئة إليه والاستطاعة له. {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: ١١] لا يبلغ وصفه الواصفون، وهو كما وصف به نفسه، نؤمن بالقرآن محكمه ومتشابهه، كل من عند ربنا، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ:{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا}[الأنعام: ٦٨] فنترك الجدال والمراء في القرآن، ولا نجادل