للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو عبد اللَّه: فكنت أدعو اللَّه: لا ترني وجهه، فلما دخلنا طرسوس أقمنا أيامًا وأنا في ذلك، إذا رجل قد دخل علينا، فقال لي: يا أبا عبد اللَّه، قد مات الرجل. فحمدت اللَّه تعالى، وكنت على ذلك أتوقع الفرج، إذ دخل علينا رجل فقال: إنه قد صار مع أبي إسحاق -يعني: المعتصم- رجل يقال له: ابن أبي دؤاد، وقد أمر بإحضاركم إلى بغداد. فجاءني أمر آخر وحمدت اللَّه على ذلك، وطمعت وقلت: إنا قد استرحنا حين قيل لنا: انحدروا إلى بغداد.

قال أبو عبد اللَّه: فصيَّرتُ في سفينة من الرقة مع أسراهم، فكنت في أمر عظيم -يعني: من الأذى.

فقدم أبو عبد اللَّه بغداد، فجلس في دار عمارة في اصطبل لمحمد بن إبراهيم -أخي إسحاق بن إبراهيم- وكان في حبسٍ ضيق، ومرض أبو عبد اللَّه وكان في شهر رمضان، وكان مقيدًا، وكان في أمر عظيم، فحبس في ذلك الحبس قليلا، ثم حول إلى التعيين إلى سجن العامة، فمكث في السجن نحوًا من ثلاثين شهرًا، فكنا نأتيه في السجن أنا وأبي وأصحاب أبي عبد اللَّه، فأكثر ذلك ندخل عليه، وربما حجبنا.

فسأله أبي فقال: تُحدِّث أبا علي وتقرأ عليه، فإنك فارغ.

فأجابه، فقرأ عليّ كتاب الإرجاء وغيره في الحبس، فرأيتُ أبا عبد اللَّه يُصلي بأهل الحبس وهو محبوس معهم وعليه القيد، وكان قيدا واسعًا، فكان في وقت الصلاة والوضوء والنوم يخرج إحدى الحلقتين من إحدى رجليه ويشدها على ساقه، فإذا صلى ردَّها في رجليه، وذلك بغير علم من إسحاق بن إبراهيم.

فقلت له في الحبس: يا عم، أراك تصلي بأهل الحبس!

<<  <  ج: ص:  >  >>