قال جعفر الرازي: كان إسحاق بن إبراهيم يقول: أنا واللَّه رأيت يوم ضرب أحمد بن حنبل سراويله وقد ارتفع من بعد انخفاضه، وانعقد من بعد انحلاله، ولم يفطن بذلك لذهول عقل من حضره، وما رأيت يوما كان أعظم على المعتصم من ذلك اليوم، واللَّه لو لم يرفع عنه الضرب لم يبرح من مكانه إلا ميتا.
قال إبراهيم بن إسحاق الأنصاري: سمعت بعض الجلادين يقول: لقد بطل أحمد بن حنبل الشطار، واللَّه لقد ضربته ضربًا لو أبرك لي بعير فضربته ذلك الضرب لنقبت عن جوفه.
قال: محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة: سمعت شاباص التائب يقول: لقد ضربت أحمد بن حنبل ثمانين سوطًا، لو ضربته فيلًا لهدته.
قال محمد بن جعفر الراشدي: حدثني بعض أصحابنا قال: لما أخذت أبا عبد اللَّه السياط، قال: بك استغثت يا جبار السماء ويا جبار الأرض.
قال عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: كنت كثيرًا أسمع والدي يقول: رحم اللَّه أبا الهيثم، غفر اللَّه لأبي الهيثم، عفا اللَّه عن أبي الهيثم.
فقلت: يا أبت، من أبو الهيثم؟ قال: ألا تعرفه؟
قلت: لا. قال: أبو الهيثم الحداد، اليوم الذي أخرجت فيه للسياط، ومدت يداي للعقابين، إذا أنا بإنسان يجذب ثوبي من ورائي ويقول لي: تعرفني؟ قلت: لا. قال: أنا أبو الهيثم العيار، اللص الطرار، مكتوب في ديوان أمير المؤمنين أني ضربت ثمانية عشر ألف سوط بالتفاريق، وصبرت في ذلك على طاعة الشيطان لأجل الدنيا، فاصبر أنت في طاعة الرحمن لأجل الدين.
قال: فضربت ثمانية عشر سوطًا بدل ما ضرب ثمانية عشر ألفا، وخرج