فنزل السراويل على عانته، فقلت: الساعة ينهتك. فرمى أحمد بطرفه نحو السماء وحرك شفتيه، فما كان بأسرع من أن بقي السراويل لم ينزل.
"المحنة" لعبد الغني المقدسي ص ٧٣ - ٧٦
قال أبو علي حنبل بن إسحاق بن حنبل: فلما طال حبس أبي عبد اللَّه، قال: وكان أبي يختلف في أمره ويكلم القواد وأصحاب السلطان في أمره، رجاء أن يطلق ويخلى له السبيل، فلما طال ذلك ولم يره يتم، استأذن على إسحاق بن إبراهيم، فقال له: أيها الأمير، إن بيننا وبين الأمير حرما في حرمة منها ما يرعاها الأمير؛ جوار بمرو، كان والدي حنبل مع جدك الحسين بن مصعب. قال: قد بلغني ذلك.
قلت: فإن رأى أمير المؤمنين أن يرعى لنا ذلك ويحفظه.
قال أبي: وقلت له: أيها الأمير، علام يحبس ابن أخي؟ ما جحد التنزيل، وإنما اختلفوا في التأويل، فاستحل منه أن حبس هذا الحبس الطويل، أيها الأمير، اجمع لنا الفقهاء والعلماء، قال أبي: ولم أذكر أهل الحديث. فقال إسحاق: وترضى؟
قلت: نعم أيها الأمير، فمن فلجت حجته كان أغلب. فقال لي ابن أبي ربعي بعد ذلك: ما صنعت! تجمع على ابن أخيك المخالفين له، فيثبتون عليه الحجة ممن يريد ابن أي دؤاد من أهل الكلام والخلاف، هلا شاورتني في ذلك؟ قلت له: قد كان ما كان.
قال أبي: ولما ذكر لإسحاق بن إبراهيم ما بيننا وبينه من الحرمة المتقدمة، قال لحاجبه البخاري: يا بخاري، اذهب معه إلى ابن أخيه فليكلمه ولا يكلم ابن أخيه بشيء لا تفهمه إلا أخبرتني به.