لكان من عصى وارتكب المعاصي والمحارم لم يكن عليه سبيل، وكان إقراره يكفيه من العمل، فما أسوأ هذا من قول وأقبحه! فإنا للَّه وإنا إليه راجعون.
وقال فضيل: أصل الإيمان عندنا وفرعه بعد الشهادة والتوحيد، وبعد الشهادة للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالبلاغ، وبعد أداء الفرائض صدق الحديث، وحفظ الأمانة، وترك الخيانة، والوفاء بالعهد، وصلة الرحم، والنصيحة لجميع المسلمين، والرحمة للناس عامة.
قيل له -يعني: فضيلًا-: هذا من رأيك تقوله أو سمعته؟
قال: بل عناه وتعلمناه، ولو لم آخذه من أهل الفقه والفضل لم أتكلم به.
وقال فضيل: يقول أهل الإرجاء: الإيمان قول بلا عمل.
ويقول الجهمية: الإيمان المعرفة بلا قول ولا عمل.
ويقول أهل السنة: الإيمان المعرفة والقول والعمل.
فمن قال: الإيمان قول وعمل فقد أخذ بالوثيقة، ومن قال: الإيمان قول بلا عمل فقد خاطر؛ لأنه لا يدري أيقبل إقراره أو يرد عليه بذنوبه.
وقال؛ يعني: فضيلا: قد بينت لك إلا أن تكون أعمى.
وقال فضيل: لو قال رجل: مؤمن أنت؟ ما كلمته ما عشت.
وقال: إذا قلت: آمنت باللَّه فهو يجزيك من أن تقول: أنا مؤمن، وإذا قلت: أنا مؤمن لا يجزيك من أن تقول: آمنت باللَّه؛ لأن آمنت باللَّه أمر، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ:{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ}[البقرة: ١٣٦]، وقولك: أنا مؤمن تكلف لا يضرك أن لا تقوله، ولا بأس إن قلته على وجه الإقرار، وأكرهه على وجه التزكية.
وقال فضيل: سمعت سفيان الثوري يقول: من صلى إلى هذِه القبلة فهو عندنا مؤمن، والناس عندنا مؤمنون بالإقرار والمواريث والمناكحة