عبد اللَّه الذين خالفوا قوله: إذا وقفت بين يدي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فسألني: بمن اقتديت؟ أي شيء أقول؟ وأي شيء ذهب على أبي عبد اللَّه من أمر الإسلام؟ وأبو عبد اللَّه عالم هذِه المسألة وقد بلي منذ عشرين سنة في هذا الأمر، فمن لم يصر إلى قول أبي عبد اللَّه فنحن نظهر خلافه ونهجره ولا نكلمه، إذا قلنا: إن القرآن غير مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو جهمي، وأي شيء بقي، فإنما هذا من طريق أصحاب الكلام، وأصحاب الكلام لا يفلحون.
قال أبو بكر المروذي: سمعت عبد الوهاب -يعني: الوراق- يقول لإسحاق بن داود: ما رفع اللَّه أخاك بما سمع، يخالف أبا عبد اللَّه، فقال له إسحاق: قد كتبت إلى أخي: إنما ارتفعت بأبي عبد اللَّه فإن أظهرت خلافه وضعك اللَّه.
قال إسحاق: قد جاءني كتاب أخي بخطه: أما إذ صح عندك أن أبا عبد اللَّه نهى عن هذا فنحن لأبي عبد اللَّه ولمشيختنا هؤلاء تبع.
قال إسحاق بن داود: نحن نقتدي بمن مات، أحمد بن حنبل إمامنا وهو من الراسخين في العلم يقول: ما سمعت عالمًا يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق، وأي شيء ذهب على أبي عبد اللَّه من أمر الإسلام إذا قلنا من قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق فنحن نهجره ولا نكلمه، وهذِه بدعة، وما غضب أحد من هذا الأمر إلا وهو دون غضب أبي عبد اللَّه، وأبو عبد اللَّه يغضب الغضب الشديد حتى جعلوا يسكنونه.
قال أبو بكر المروذي: سمعت أبا الحسين علي بن مسلم الطوسي يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، وهذا قول أبي عبد اللَّه، وبه نقتدي، إذ كنا لم ندرك في عصره أحدًا يقدمه في العلم والمعرفة والديانة،