قال صالح: جاء عباس فقال: يا أبا عبد اللَّه إن قومًا عندنا يقولون: لفظنا بالقرآن مخلوق، فنقول: ليس بمخلوق؟
قال: لا، ما سمعت أحدًا يقول هذا.
قال أبو جعفر: حدثني أبو الحارث الصائغ قال: وسمعته -يعني: أبا عبد اللَّه- يسأل عن قول حسين الكرابيسي، قيل له: إنه يقول لفظي بالقرآن مخلوق، فقال: هذا قول جهم، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}[التوبة: ٦] فمن يسمع كلام اللَّه؟ أهلكهم وضع الكتب، تركوا آثار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأقبلوا على الكلام.
فقلت له: إذا قال: لفظي بالقرآن [مخلوق]؛ فهو جهمي.
قال: فأي شيء بقي إذا قال: لفظي بالقرآن مخلوق.
قال أبو الحارث: ذهبت أنا وأبو موسى إلى أبي عبد اللَّه فقال له أبو موسى: يا أبا عبد اللَّه، هذا الأمر الذي قد أحدثوه تشمئذ منه القلوب، والناس يسألوننا عنه، يقولون: لفظنا بالقرآن مخلوق؟
قال أبو عبد اللَّه -بالانتهار منه: هذا كلام سوء رديء خبيث لا خير فيه.
قال له أبو موسى: أليس تقول: القرآن كلام اللَّه ليس مخلوقًا على كل حال، وبجميع الجهات والمعاني؟
قال: نعم، وكل ما تشعب من هذا فهو رديء خبيث.
قال أبو طالب أحمد بن حميد: قلت لأبي عبد اللَّه: أخبرني ساكني أن رجلًا بالرميلة كان يقول [بقول] الكرابيسي: لفظه بالقرآن [مخلوق]، فمنعوه يصلِّيَ بهم، فجاء فسألك عن: الرجل يقول: لفظي بالقرآن مخلوق، يُصلَّى خلفه؟ فقلت له: لا. فرجع إليهم فأخبرهم بقولك، وقال: إني تائب