للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الأنعام: ١٥١] {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: ١٥٢] {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} [الإسراء: ٣٧].

ومثله في القرآن كثير، فهذا ما نهى اللَّه عنه ولم يقل لنا: لا تقولوا إن القرآن كلامي.

وقد سمَّت الملائكة كلام اللَّه كلامًا ولم تسمه خلقًا، قوله: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ} [سبأ: ٢٣]، وذلك أن الملائكة لم يسمعوا صوت الوحي ما بين عيسى ومحمد صلى اللَّه عليه وسلم، وبينهما كذا وكذا سنة. فلما أوحى اللَّه إلى محمد سمع الملائكة صوت الوحي كوقع الحديد على الصفا، فظنوا أنه أمر من الساعة ففزعوا وخروا لوجوههم سجدًا، فذلك قوله: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} يقول: حتى إذا انجلى الفزع عن قلوبهم رفع الملائكة رؤوسهم فسأل بعضهم بعضا فقالوا: ماذا قال ربكم؟ ولم يقولوا: ماذا خلق ربكم، فهذا بيان لمن أراد اللَّه هداه.

ثم إن الجهم ادعى أمرًا آخر فقال: أنا أجد آية في كتاب اللَّه تبارك وتعالى تدل على القرآن أنه مخلوق. فقلنا: في أي آية؟ فقال: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: ٢] فزعم أن اللَّه قال للقرآن: محدث، وكل محدث مخلوق.

فلعمري لقد شبه على الناس بهذا، وهي آية من المتشابه، فقلنا في ذلك قولًا واستعنا باللَّه ونظرنا في كتاب اللَّه ولا حول ولا قوة إلا باللَّه.

قال أحمد -رضي اللَّه عنه-: اعلم أن الشيئين إذا اجتمعا في اسم يجمعهما فكان أحدهما أعلى من الآخر، ثم جرى عليهما اسم مدح فكان أعلاهما أولى بالمدح وأغلب عليه، وإن جرى عليه اسم ذم فأدناهما أولى به.

ومن ذلك قول اللَّه تعالى في كتابه: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}

<<  <  ج: ص:  >  >>