[البقرة: ١٤٣]{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}[الإنسان: ٦] يعني: الأبرار دون الفجار، فإذا اجتمعوا في اسم الإنسان واسم العباد فالمعنى في قول اللَّه جل ثناؤه:{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} يعني: الأبرار دون الفجار؛ لقوله إذا انفرد الأبرار: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣)} [الانفطار: ١٣] وإذا انفرد الفجار: {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ}[الانفطار: ١٤].
وقوله:{إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} فالمؤمن أولى به وإن اجتمعا في اسم الناس؛ لأن المؤمن إذا انفرد أعطي المدحة؛ لقوله:{إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}، {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}[الأحزاب: ٤٣] وإذا انفرد الكفار جرى عليهم الذم في قوله: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}[هود: ١٨] وقال: {أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ}[المائدة: ٨٠] فهؤلاء لا يدخلون في الرحمة.
وفي قوله:{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ}[الشورى: ٢٧] فاجتمع الكافر والمؤمن في اسم العبد، والكافر أولى بالبغي من المؤمنين؛ لأن المؤمنين انفردوا ومدحوا فيما بسط من لهم الرزق، وهو قوله:{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا}[الفرقان: ٦٧]، وقوله:{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}[البقرة: ٣]. وقد بسط الرزق لسليمان بن داود، ولذي القرنين، وأبي بكر، وعمر ومن كان على مثالهم ممن بسط له فلم يبغ، وإذا انفرد الكافر وقع عليه اسم البغي في قوله لقارون:{فَبَغَى عَلَيْهِمْ}[القصص: ٧٦] ونمرود بن كنعان حين آتاه اللَّه الملك فحاج في ربه، وفرعون حين قال موسى:{رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[يونس: ٨٨] فلما اجتمعوا في الاسم الواحد فجرى عليهم اسم البغي كان الكفار أولى به كما أن المؤمن أولى بالمدح.