فادعوا أن القرآن مخلوق من قبل هذِه الأحاديث، فقلنا لهم: القرآن لا يجيء إلا بمعنى أنه قد جاء من قرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فله كذا وكذا، ألا ترون أن من قرأ:{قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} لا يجئه إلا بثواب؛ لأنا نقرأ القرآن فيقول: يا رب؛ لأن كلام اللَّه لا يجيء ولا يتغير من حال إلى حال، وإنما معنى أن القرآن يجيء إنما يجيء ثواب القرآن، فيقول: يا رب.
"الرد على الجهمية والزنادقة" للإمام أحمد ص ١٤٥
قال صالح: وجَّه المتوكل إلى أبي إسحاق بن إبراهيم يأمره بحمل أبي إلى المعسكر. قال: فوجَّه إسحاق إلى أبي فقال: إن أمير المؤمنين قد كتب إليَّ يأمرني بإشخاصك إليه فتأهب لذلك.
قال أبي: فقال لي إسحاق بن إبراهيم: اجعلني في حل، فقلت: قد جعلتك وكل من حضر في حل.
قال أبي: فقال لي إسحاق: أسألك عن القرآن مسألة مسترشد لا مسألة امتحان، وليكن ذلك عندك مستورًا، ما تقول في القرآن؟ .
قال أبي: فقلت: القرآن كلام اللَّه ليس بمخلوق.
قال: فقل لي: من أين قلت غير مخلوق؟ قال أبي: فقلت له: قال اللَّه تبارك وتعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ}[الأعراف: ٥٤] ففرق بين الخلق والأمر.
فقال إسحاق: الأمر مخلوق؟ فقال أبي: فقلت له: يا إسحاق، إن اللَّه يخلق خلقًا (١). فقال أبي: فقال لي: وعمن تحكي أنه ليس بمخلوق؟
(١) كذا في المطبوع من "السيرة"، وعند ابن الجوزي في "المناقب" ص ٤٤١، والذهبي في "السير" ١١/ ٢٦٦: فقال: يا سبحان اللَّه! أمخلوق يخلق خلقَا؟ ! قال الذهبي معلقًا: يعني: إنما خلق الكائنات بأمره، وهو قوله {كُن}.