للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهو سماه الذكر، وقلت: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: ٢] فهذا يمكن أن يكون غير القرآن محدث، ولكن {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} فهو القرآن ليس هو محدثا، قال: فبهذا احتججت عليهم.

واحتجوا عليَّ: ما خلق اللَّه من سماء ولا أرض ولا كذا أعظم من آية الكرسي (١).

قال: فقلت له: إنه لم يجعل اية الكرسي مخلوقة، إنما هذا مثل ضربه -أي: هي أعظم من أن تخلق، ولو كانت مخلوقة لكانت السماء أعظم منها- أي: فليست بمخلوقة.

قال: واحتجوا علي بقول: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: ١٦].

فقلت: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذاريات: ٤٩]؛ فخلق من القرآن زوجين؟ ! {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: ٢٣] فأوتيت القرآن؟ ! فأوتيت النبوة؟ أوتيت كذا وكذا؟ !

وقال اللَّه تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الأحقاف: ٢٥]؛ فدمرت كل شيء؟ ! إنما دمرت ما أراد اللَّه من شيء.

قال: وقال لي ابن أبي دؤاد: أين تجد أن القرآن كلام اللَّه؟

قلت: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (٢٧)} [الكهف: ٢٧]


(١) رواه الترمذي (٢٨٨٤) عن سفيان بن عيينة أنه قال في تفسير قول ابن مسعود هذا: لأن آية الكرسي هو كلام اللَّه، وكلام اللَّه أعظم من خلق السماء والأرض.
ورواه ابن الضريسي في "فضائل القرآن" (١٨٧)، وأبو عبيد في "فضائل القرآن " ٢٣٠، والطبراني ٩/ ١٣٣ (٨٦٥٩) من طريق الشعبي، عن شتير بن شكل ومسروق، عن ابن مسعود،
قال الهيثمي في "المجمع" ٦/ ٣٢٣: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>