وقلت له بين يدي الرئيس، وجرى كلام بيني وبينه، فقلت له: اجتمعت أنا وأنت أنه كلام، وقلت: إنه مخلوق. فهاتوا الحجة من كتاب اللَّه أو من السنة. فما أنكر ابن أبي دؤاد ولا أصحابه أنه كلام.
قال: وكانوا يكرهون أن يظهروا أنه ليس بكلام فيشنع عليهم.
قال حمزة بن القاسم: حدثنا حنبل قال: قال أبو عبد اللَّه: وكان إذا كلمني ابن أبي دؤاد لم أجبه ولم ألتفت إلى كلامه، فإذا كلمني أبو إسحاق ألنت له القول والكلام.
قال: فقال لي أبو إسحاق: لئن أجبتني لآتينك في حشمي وموالي، ولأطأن بساطك، ولأنوهن باسمك، يا أحمد اتق اللَّه في نفسك، يا أحمد! اللَّه اللَّه.
قال أبو عبد اللَّه: وكان لا يعلم ولا يعرف، ويظن أن القول قولهم، فيقول: يا أحمد! إني عليك شفيق.
فقلت: يا أمير المؤمنين! هذا القرآن وأحاديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأخباره، فما وضح من حجة صرت إليها.
قال: فيتكلم هذا وهذا.
قال: فقال ابن أبي دؤاد لما انقطع وانقطع أصحابه: والذي لا إله إلا هو لئن أجابك لهو أحب إلي من مائة ألف ومائة ألف عددًا مرارًا كثيرة. قال أبو عبد اللَّه: وكان فيما احتججت عليهم يومئذ قلت لهم: قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ}[الأعراف: ٥٤]، وذلك أنهم قالوا لي: أليس كل ما دون اللَّه مخلوق؟ فقلت لهم: فرق بين الخلق والأمر، فما دون اللَّه مخلوق، فأما القرآن فكلامه ليس بمخلوق.