أنت يا ابن حنبل في علمك أن هذا البساط الذي نحن عليه مخلوق؟
قال: قلت: نعم، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (٨٠)} [النحل: ٨٠] قال: فكأني ألقمته حجرًا.
حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الشيرجي الخصيب، قال: حدثنا أبو بكر، [أحمد بن] محمد بن الحجاج المروذي، قال: قال لي أبو عبد اللَّه: مكثت ثلاثة أيام يناظرونني. قلت: فكان يدخل إليك بالطعام؟ قال: لا. قلت: فكنت تأكل شيئا؟ قال: مكثت يومين لا أطعم، ومكثت يومين لا أشرب، ومكثت ثلاثة أيام يناظرونني بين يديه -يعني: الرأس أبا إسحاق- وقد جمعوا عليّ نحوا من خمسين بصريًّا وغير ذلك -يعني من المناظرين- وفيهم الشافعي الأعمى.
فقلت له: كلهم يناظرونك بالليل؟ قال: نعم، كل ليلة، وكان فيهم الغلام غسان -يعني: قاضي الكوفة- وقال: إنما كان الأمر أمر ابن أبي دؤاد.
قلت له: كانوا كلهم يكلمونك؟ قال: نعم، هذا يتكلم من هاهنا، وهذا يحتج من هاهنا، وهذا يتأول على آية، وعجيف عن يمينه، وإسحاق عن يساره قائم، ونحن بين يديه -يعني: أبا إسحاق- فسألني غير مرة، فقلت: أوجدني في كتاب أو سنة.
فقال لي إسحاق وعجيف: وأنت لا تقول إلا ما كان في كتاب أو سنة؟
قلت لهم: ناظروني في الفقه أو في العلم.
فقال عجيف: أنت وحدك تريد أن تغلب هؤلاء الخلق كلهم. ولزني بقائمة سيفه، وأشار أبو عبد اللَّه إلى عنقه يريني بيده هكذا، ثم قال إسحاق بن إبراهيم: وأنت لا تقول إلا ما كان في كتاب أو سنة. ولكزني بقائمة سيفه -وأومأ أبو عبد اللَّه إلى حلقه.