قال لي: نعم من الناس من يحتج بالفطرة الأولى مع قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ".
قلت لأبي عبد اللَّه: فما تقول؛ لا أعرف قولك؟
قال: أقول: إنه على الفطرة الأولى.
"أحكام أهل الملل" ١/ ٧٧ (٢٨).
قال أبو عبد اللَّه بن نصر المروزي: وهذا المذهب شبيه بما حكاه أبو عبيد، عن عبد اللَّه بن المبارك، أنه سئل عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ"، فقال: يفسره الحديث الآخر حين سئل عن أطفال المشركين، فقال:"اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ"(١).
قال المروزي: ولقد كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا القول ثم تركه.
"التمهيد" ١٨/ ٧٩.
قال محمد بن نصر المروزي: سمعت إسحاق بن راهويه يذهب إلى هذا المعنى، واحتج بقول أبي هريرة: اقرؤوا إن شئتم: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}[الروم: ٣٠] قال إسحاق: يقول: لا تبديل لخلقته التي جبل عليها ولد آدم كلهم، يعني: من الكفر والإيمان والمعرفة والإنكار.
واحتج إسحاق أيضًا بقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}[الأعراف: ١٧٢] الآية. قال إسحاق: أجمع أهل العلم أنها الأرواح قبل الأجساد، استنطقهم {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}،
(١) رواه الإمام أحمد ٢/ ٢٤٤، والبخاري (١٣٨٤)، ومسلم (٢٦٥٩) من حديث أبي هريرة.