للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التمثال١. ولعل المصريين قد أجازوا ما أتى الكنعانيون به، ثم حرف الاسم الكنعاني إلى حورنا، وأخيرًا إلى "حول". ورأى أخر قرب بين اسم التمثال وبين أسم ورد له في النصوص المصرية المتأخرة بمعنى الأسد "با حو"٢. وانتهت أسماء التمثال إلى اسمه الحالي أبو الهول، وهو اسم يعبر في اللغة العربية عن طابع الرهبة أو طابع الهول الذي اكتسى التمثال به وظنه الناس فيه، ولكنه لا يخلو في الوقت نفسه من صلة تربطه بأحد الأسماء القديمة "جو أو حورون أو حول" بعد إحلال الهاء محل الحاء؛ وبعد إضافة كلمة أبو وهي كلمة تطورت فيما يبدو عن أحد لفظين مصريين قديمين، لفظ "بو" بمعنى مكان، أو أداة التعريف المذكرة المفردة "با".

وظل تمثال أبو الهول طوال عصوره مثارًا للإعجاب حينًا، ومثارًا للرهبة حينًا آخر، وظن فيه مؤرخو العصور الوسطى قدرة سحرية، وسموه بأسماء غربية، فذكره المقريزي باسم بالهيب، وحكى أن شيخًا يدعى صايم الدهر أراد أن يمسخ وجهه باعتباره أثرًا من آثار الوثنية الأولى، فهبت على زروع الجيزة ريح عاتية أتلفتها، فظن صايم الدهر أنها كرامة من صاحب التمثال واضطر إلى العدول عن محاولته.

وظهر من المؤرخين المسلمين من تجاوز هذا التصوير الساذج لأبو الهول، ومنهم عبد اللطيف البغدادي في القرن الثالث عشر الميلادي حيث قال عنه: " ... وسألني بعض الفضلاء ما أعجب ما رأيت، فقلت تناسب وجه أبو الهول، فإن أعضاء وجهه كالأنف والعين والأذن متناسبة كما تصنع الطبيعة الصورة متناسبة، والعجب من مصوره كيف قدر أن يحفظ نظام التناسب في الأعضاء مع عظمها وأنه ليس في أعمال الطبيعة ما يحاكيه ... ".


١ See Posener, Jnes, IV "١٩٤٥", ٢٤٠ F.
٢ Wb., III, ٤٥.

<<  <   >  >>