مر بنا حين استعرضنا الخطوط العامة لفنون النحت والنقش خلال عصر الانتقال الأول، أنها ظلت محدودة الكفاية، محدودة الآفاق، وإن ميز تماثيل سادتها الخشبية طاب ريفي مستحب وأسلوب واقعي متواضع، وميز تماثيل أتباعها الخشنة تآلفها الجماعي وحرية الحركة الممثلة فيها، وميز هيئاتها النحيلة قليلة التناسب نوع من صدق التعبير عن الحياة الأسرية وعلاقات أفرادها بعضهم ببعض، كما ميز نقوش توابيتها ورسومها نوع من الإفاضة في تصوير المقتنيات وتسجيل التراتيل والدعوات، وكانت كلها ميزات عفوية وموضوعية أكثر منها ميزات فنية إبداعية مدروسة. ولم يتقرن بها شيء من تجديدات فن العمارة.
وترتب على ذلك أن فنون أوائل الدولة الوسطى لم ترث عن سابقتها في عصر الانتقال الأول شيئًا كثيرًا، ولم تجد وراءها نماذج راقية قريبة ترجع إليها وتستوحيها، لا سيما وأنها تركزت في طيبة بعيدة عن منف كعبة الفن القديمة، وكان عليها لذلك أن تتلمس لنفسها سبلًا جديدة تعبر بها عن روح عصرها وأوضاعها وخصائصه.
وظهرت تجديدات العمارة في آثار متمم الوحدة السياسية الملك مونتوحوتب "نب حبة رع"، حين ابتغى مهندسه أن يشيد له ضريحًا يليق بمكانته وسمعته، فاستوحى هيئة أهرام الدولة القديمة، وهيئة مقابر عصر الأناتفة المنحوتة ذات الأبهاء، ثم عدل طرز هذه وتلك وخرج منهما معًا بأسلوب مبتكر جديد.