هذه قصة من القرن الثاني عشر ق. م، صورت ما يمكن أن تأتيه أنثى لعوب في بيت ريفي صغير. وأسهبت القصة في وصف الحياة الريفية وجمعت بين ما يمكن أن يحدث في واقع الحياة وبين ما لا يحدث إلا بالمعجزات وفي عالم الخيال. وجعلت أبطالها ثلاثة: إنبو، وهو صاحب دار ومزرعة، وزوجته الفاتنة اللعوب، وباتا شقيقه الصغير.
ووصفت القصة باتا الصغير بآيات القوة والإخلاص والوفاء، فصورته مؤيدًا بقدرة ربانية، وروت أنه عرف منطق الحيوان، ونسبت إليه المهارة المطلقة في شئون الزراعة والرعي. واعتاد باتا أن يخرج بماشية أخيه مع الفجر فيحرث أو يحصد، ويرعى قطيعه، ثم يعود في المساء محملًا بخيرات الحقل وألبان البقر ويقدمها راضيًا بين يدي أخيه وزوجته. وبعد أن يتناول عشاءه ينطلق إلى حظيرة الماشية، فينام فيها وحيدًا قانعًا. فإذا اقترب الفجر أعد إفطار أخيه وقدمه إليه، ثم أخذ إفطاره معه وساق ماشيته إلى الحقل والمرعى وكان يحدث أحيانًا أن تتسار الماشية فيما بينها بأن الكلأ في مكان بعينه وفير نضير، فيفهم باتا قولها ويحقق لها رغبتها وينتجع بها ما توده من العشب والمرعى.
ولما حل موسم الزراعة قال له أخوه: علم أحد الثيران الحرث، فالأرض انحسر ماؤها وتهيأت للزرع، وآتنا ببذور نغرسها مبكرين. فأطاع باتا، وصحب أخاه إلى الحقل، وانشغلا في الحرث، وفاضت نفساهما بالأمل لقيامهما العمل في بداية الموسم. ولكن حدث بعد فترة أن اضطرا إلى التوقف لنفاذ البذور، فأرسل إنبو أخاه إلى القرية وأوصاه بأن يسرع في إحضار المزيد من البذور. ولما بلغ باتا الدار ألفى زوجة أخيه تضفر شعرها، فناداها في مرح وبساطة قائلًا:"انهضي وناوليني كمية من البذور حتى أعجل بها إلى الحقل، فأخي ينتظرني، ولا تعوقيني". ولكن الأنثى تثاقلت وقالت له اذهب أنت إلى مخزن الغلال واحمل منه ما تشاء ولا تضطرني إلى ترك ضفائري.