للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[نهاية دولة]

أسلفنا أنه ترتب على جهود عهد سرجون وعهد نرام سين بخاصة أن اصطبغت حضارات المناطق المجاورة لأطراف العراق بصبغة ثقافية متجانسة إلى حد ما، فوجد الخط المسماري سبيله على طول المسالك التجارية ومراكز الاستقرار المدني، بحيث عرفته بعض مناطق شمال سوريا وجنوب آسيا الصغرى وسواحل إلام "عيلام"، كما انتقلت منه إليها بعض مظاهر الدين العراقي وأساطيره.

غير أن الدولة الأكدية وإن نجحت في أغراضها التوسعية والحضارية إلا أنها لم تبرأ من بذور فشلها السياسي، ولعل أهمها تأثيرًا فيها هو أن ملوكها تعمدوا محاباة العنصر الأكدي على حساب العنصر السومري، وأسرفوا في تأكيد مظاهر سلطانهم الفردي، بحيث أصبح من رجال حاشيتهم من يُسمي ولده شروكين إيلي بمعنى سرجون إلهي، وأصبح أنصار نرام سين يرمزون إليه كما لو كان إله أكد وإله بلده وصوروه بتاج الأرباب١، على حين أصبح حكام المدن في عهده يلقبون بخدم الملك أو عبيده٢. وإذا كانت محاباة العنصر الأكدي قد وجدت مبرراتها لدى الحكام في منطقية استعانتهم ببني جلدتهم الساميين واطمئنانهم إلى إخلاصهم، كما برروا الحكم المركزي بما يفيد الصالح العام للدولة، إلا أن هذا التطور أدى إلى تذمر أهل المدن السومرية ذوي الحضارة القديمة والنظام اللامركزي من حكم الأكاديين، ومحاولاتهم المتكررة للانسلاخ من جسم الدولة منذ أواخر عهد سرجون نفسه.


١ ديلابورت: المرجع السابق - ص١٧٥.
٢ Frankfort, Kingship And The Gods, Ch. Xxi; The Birth Of Civilization, ٧٤.

<<  <   >  >>