شهدت بلاد العراق في أواخر عهد حضارة حلف، دبيب النشاط الحضاري في مناطقها الوسطى والجنوبية، وتمثلت المراكز المبكرة لهذا النشاط في كل من إريدو وحجي محمد، ونسبت إلى كل منهما مستويات ومراحل عديدة من العمران تتراوح بين ١٤ وبين ١٩ مرحلة٣، وتدعو كثرتها إلى الشك فيها أكثر مما تدعو إلى تأكيدها. ولم تكن أيهما بمعزل تمامًا عن حضارات الشمال المعاصرة لها. وعلى أية حال فقد ارتبط أهم نشاط هذه الفترة بتطور صناعي جديد، وربما بتحركات شعوبية أو قبلية جديدة أيضًا. أما التطور الصناعي فهو بداية معرفة معدن النحاس واستخدامه على نطاق ضيق، جنبًا إلى جنب مع الأدوات الحجرية، فيما يعرف اصطلاحًا باسم العصر النحاسي الحجري أو عصر بداية المعادن. وفرقت الأبحاث الأثرية بين ثلاث مراحل شهدها العراق في هذا العصر، ونسبت كلًّا منها إلى أقدم الأماكن التي عثر فيها على مخلفاتها، فسمتها بأسماء: حضارة العبيد، وحضارة الوركاء، وحضارة حمدة نصر. وقد تعاقبت