للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مرحلة الأمجاد الأخيرة من العصر الآشوري الحديث:

بدأت المرحلة الثانية للتوسع الآشوري الحديث في عام ٧٤٥ق. م بولاية تيجلات بيليسر الثالث، الذي ذكرته النصوص البابلية باسم "بولو". ويحتمل الاسمان أكثر من تفسر واحد، فقد يكون اسم بولو هو اسمه الشخصي ويدل بهذا على أنه لم يكن من صلب البيت الحاكم أصلًا، وإذا صح هذا أمكن افتراض أنه كان من قادة الجيش نظرًا لما تجلى من مهاراته الحربية فيما بعد، ولما اعتلى العرش تيمن باسم الفاتح القديم تيجلات بيليسر وتسمى باسمه، أو يكون اسم بولو مجرد مرادف بابلي اخترعه البابليون له لغرض ما في نفوسهم.

وأراد الحاكم الجديد تيجلات بيليسر أن يثبت قوة شخصيته وأن ينتشل آشور من وهدتها، فاتجه بفتوحه إلى حيث اعتاد الملوك العظام من قبله، وبدأ ببابل القريبة منه فهيمن عليها بعد مشقة وعهد بأمرها إلى صنيعة له يدعى نابو نصر، ثم اتجه بجيوشه إلى سوريا وبعد حروب عامين استعاد أغلبها للنفوذ الآشوري وأراد أن يعقب على ذلك بمواجهة سارديوس أمير أورارتو، ولكن دمشق التي خضعت له على مضض أعلنت ثورة عنيفة ضده عام ٧٣٩ق. م، فأصبح يضرب بجيوشه في الجبهتين واستطاع أن يوهن أورارتو، ولكنه كان أكثر ضرابًا في الشام، وذكرت نصوصه من بلدانها إلى جانب الأسماء القديمة التي رددتها نصوص أسلافه، أسماء عسقلان ومؤاب وغزة التي لجأ حاكمها إلى مصر. ثم تدخل في مشكلات العبرانيين ... عليهم هوشع ملكًا بعد أن خلعوا ملكهم، وجعله صنيعة له بينهم١.

والتفت الرجل إلى بابل مرة أخرى، وكانت قد شهدت تنافسًا مسلحًا على عرشها، بعد وفاة نابو نصر العميل الآشوري فيها. وظهر من أشد المتنافسين على حكمها مردوك أباب إدين الثاني الذي ذكرته التوارة باسم مرداك بالادان. فانحطت جيوش تيجلات على المتنافسين وأجبرت مردوك أباب إدين على الفرار،


١ Anet, ٢٨٤

<<  <   >  >>