[ثالثا: آخر الشوط مع الرعامسة في عصر الأسرة العشرين]
[الدفعة الأولى]
...
ثالثًا: آخر الشوط مع الرعامسة في عصر الأسرة العشرين ١١٨٤ - ١٠٨٧ق. م
[الدفعة الأولى]
أعلن مؤسسو هذه الأسرة الجديدة أنفسهم ساخطين على عيوب الحكم السابق، منقذين موهوبين تخيرتهم الأقدار، شأنهم في ذلك شأن كل جماعة حاكمة جديدة. وقد بدأ حكمهم كهل يدعى "ست نخت""وسر خعو رع" قام بما قام به رمسيس الأول في ضمان الحكم لأسرته وتقديم ولده أمامه ليتم ما أراده هو ولم تسمح له به سنه، وعندما صور دعاة أسرته رأيهم فيما مرت مصر به بين عهد مرنبتاح وعهده مما أوجزناه في حديثنا عن خاتمة السياسة الداخلية حينذاك، قالوا:" ... وقعت مصر فريسة للاضطرابات، وأصبح كل إنسان فيها يفتن لنفسه، ولم يكن لأهلها زعيم سنوات عدة، وكانت مجرد بلد موظفين وعمد يفتك الإنسان فيها برفيقه كبيرًا كان أم صغيرًا. وتلت ذلك سنوات فارغة، ظهر بينهم فيها إرسو الخوري واعتبر نفسه أميرًا، وحاول أن يخضع البلاد كلها لرأيه وألزمها بدفع الضرائب "إليه". وأصبح كل إنسان يلتمس رفيقًا يسايره في طريقه خوفًا من أن يعتدي أحد عليه. وعامل "أعوان إرسو" الأرباب معاملة البشر وامتنع هو عن تقديم القرابين في المعابد. وعندما شاء الآلهة أن يظهروا رحمتهم ويصححوا الأوضاع في مصر ويعيدوها إلى سيرتها الأولى، نصبوا ولدهم الذي خرج من صلبهم "ست نخت" حاكمًا على البلاد كلها وجعلوه على عرشهم الكبير، فتجلى على هيئة خبري ست الغضوب وعاد السلام إلى الأرض القلقة، وفتك بالغادرين فيها وظهر عرش مصر العظيم ... "١.
وقد يكون فيما أتى به هؤلاء الدعاة عن الفترة القلقة التي سبقت عصرهم الجديد صحيحًا، ويكون تمسحهم في الدين وغضب الأرباب على الأمس وأملهم في الغد مما أوحت به التقاليد. أما تضخيمهم لشأن "ست نخت" فقد كان مسرفًا بعض الشيء، فالرجل الكهل الذي زكته للناس سنه وخبرته لم يعمر في الحكم غير عامين.
وخلفه ولده رمسيس الثالث "وسرماعت رع – حقا أونو" الذي يعتبر المؤسس الحقيقي لسياسة الأسرة منذ عام ١١٨٢ق. م، وقد جعل سلفه القديم رمسيس الثاني مثله الأعلى وتلقب بأغلب ألقابه وكنياته، واستطاع مثله أن يدفع بجيشه عن مصر أخطارًا جسيمة، ولكنه اختلف عنه في أنه كان الشخصية العظيمة الوحيدة في أسرته الكبيرة. وبدأ عهده ببداية مشرقة ثم انتهى إلى خاتمة نؤجلها لحينها. وقد تشابكت السياسة الداخلية مع السياسة الخارجية في عهده ولهذا نبحثهما معًا فيما يلي:
فقد تأتت أخطار عهده عن شعوب البحر كما تأتت في أيام مرنبتاح، ولكنها أصبحت أشد، وارتبطت في عهده بهجرات وتحركات جديدة أوشكت أن تطبق على مصر بهيئة فكي الكماشة من غربها ومن شمالها الشرقي ومن البر والبحر معًا، ولو أن ذلك كله كان عن غير تعاون مقصود بينها.
١ Pap. Harris, ٧٥, ٢-٥; Ancient Records, Iv, ٣٩٨ F.; Anet, ٢٦٠; And See W. Helck, Zdmg, ١٩٥٥, ٢٧ F.