خرج أولو الرأي المصريون من محنة الهكسوس وقد غلب على تفكيرهم أنه لا أمان لاستقلالهم من غدر أعدائهم إلا إذا واصلوا الاهتمام بجيشهم وزادوا قوته الحربية، وأنه لا أمان لاقتصادهم من اعتداءات بقايا الهكسوس وأمثالهم إلا إذا أبعدوهم عن مسالك تجارتهم الخارجية جهد ما يستطيعون وأحاطوهم بأنصارهم جهد ما يستطيعون، وأنه لا أمان لمستقبل بلدهم ممن غزو هجرات شعوبية جديدة غريبة إلا إذا سيطروا بأنفسهم على مداخل الهجرات في شمال الشام وأطراف العراق. وتكفل بالمرحلتين الأوليين من هذه السياسة الملكان أحمس الأول وأمنحوتب الأول على التعاقب. بينما أخذ خليفتهما تحوتمس الأول على عاتقه أن يبدأ بتنفيذ المرحلة الثالثة منها.
وكان أحمس الأول "نب بحتي رع" قد استن من جانبه أدوات تنفيذ المرحلتين الأوليين، فترأس جيوشه بنفسه وخرج بها عن حدود بلده، وأبان عن إدراكه لخطورة إقامة الهكسوس على مقربة من هذه الحدود، فحاصرهم في شاروحين حتى أجلاهم عنها وشتتهم منها كما أسلفنا. ثم استعاد هو ورجاله صلات بلدهم بتجارة الشمال والجنوب، أي تجارة أهل الشام ومن كانوا يتعاملون مع موانيهم من تجار الكريتيين ثم تجارة الكاشيين في بلاد النوبة ومن ورائهم من أهل الجنوب.