وعشرة" "وكانت هي السن المثالية لشيوخ المصريين". وترتب على سمعته الطيبة أن قدسه مواطنوه بعد وفاته واعتبروه من الأولياء، ثم ألهوه في عصورهم المتأخرة وشاركهم الإغريق في تأليهه، وقدسوا أمه وصوروها على هيئة الربة سشات راعية الكتابة والحساب. ونسبوا إليه المعرفة بالطب، وأعادوا بناء مقصورة شعائره في غرب طيبة وأحالوها إلى معبد كبير، وقرنوه بإيمحوتب مهندس عصر الأسرة الثالثة وحكيم زمانه وخصصوا لهما مقصورتين في المسطح العلوي من معبد حاتشبسوت بالدير البحري، وشادوا بكراماته في قضاة حوائجهم وشفاء مرضاهم إذا باتوا في معبده، ثم جمعوا بينه وبين ملكه في أسطورة سموها "تنبوءات الفخراني"١.
ومرة أخرى لا نود أن نتخيل حياة أولئك الكبار مثالية كما صوروها، ولا أن نتخيلها نموذجًا لحياة كثيرين من أفراد شعبهم، فشتان ما بين مقدرات الكبار والصغار، وبين القول وبين التطبيق في كل مجتمع وزمان، ولكننا نود أن نجمع بين تراجمهم وبين تراجم من استشهدنا بهم في مناسبات سابقة من رجالات العصور المتعاقبة، في القول بأن شخصية الفرد "الكبير" إزاء فرعونه في مصر القديمة كانت أظهر بكثير من شخصيات كبار الأفراد في الأمم الشرقية المعاصرة، مثل بلاد النهرين، إزاء ملوكهم، سواء من حيث الثراء أم من حيث الاعتداد بالنفس، وذلك على عكس الظن الشائع باختفاء شخصية الفرد المصري إلى جانب قديسة ملكه وسلطانه.
١ See, Sethe, “Egyptian Heros”, In Hasting’s Encyclopaedia, Vi, ٦٥٠ F.; Robischon Et Varille, Le Temple De Scribe Royal Imenhotep Fils D’hapou, ١٩٣٦.