للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صفى حاتشبسوت ومربى ابنتها وكبير مهندسيها، وقد كان من قوله يفخر بمهارته الفنية أو العلمية "ابتدعت أمورًا من تلقاء نفسي فيما نفذته في علمي، لم توجد من قبل في كتابات الأقدمين"١. ثم رخميرع الذي عقب على أخذه بتعاليم مولاه بقوله "هأنذا أتحدث بنفسي وأعلنها حتى يسمعها أولو الألباب. لقد سموت بالعدالة حتى عنان السماء، وجعلت بهاءها يعم الأرض باتساعها، فاستقرت في خياشيم الناس كنسمة الشمال التي تطرد عكوسات البدن ... ، وأبيت المنكر ولم أفعله، وجعلت النمام يُلقى على أم رأسه ... ، ولم أضح بحق من أجل مكافأة، ولم أصم أذني عن صفر اليدين، ولم أقبل رشوة إنسان ... ، وعلمت الجاهل ما ينبغي عليه أن يفعله ... "٢. ثم وصف نفسه بأنه "نبيل يتلو الملك "مباشرة"، ورابع حكم بين الرفيقين المقدسين "حوروست" ... ، بارع في عرف الأحياء، صاحب المقام الأول في رأي الجماهير. وقال في أسلوب طريف وهو يصف حصافته في توجيه سفينة الدولة "كنت ربانًا لا أغفل ليلًا أو نهارًا، وسواء وقفت أم جلست وجهت بصيرتي على مقدمة سفينتي ومؤخرتها. ولم تتراخ يدي عن العصا التي أسبر بها أعماق الماء، وظللت يقظًا حتى لا تجنح "السفينة" مني في فرصة ما .. ".

ووصف حاجب الفرعون تحوتمس الثالث، يدعي إنتف، نفسه بأنه الحكيم المحتبى بالمعرفة، المؤتمن حقًّا ... ، وأنه مكتمل العقل للغاية، ذكر الفؤاد، يدرك النوايا قبل أن تفصح عنها الشفاه، يتكلم عن بصيرة وبوحي رأيه الخاص، ليس من أحد لا يعرفه ... ، خادم للفقير، أب لليتيم ... ، ثم قال: سيطر على ضميري ودفعني إلى أن أن أفعل ما فعلت، وهو وازع جليل، لم أتعد وحيه، وخشيت أن أخالف صوته، فنعمت به كثيرًا وأصبحت كاملًا بما دفعني إلى عمله، وذا مقام بفضل توجيهه ... ، فهو الذي قال الناس عنه إنه معجزة الأرباب، ذلك الكائن في كل جسد، هو الوازع، وهو الهادي إلى خير طريق لبلوغ الكمال ... "٣.

واشتهر من رجال أمنحوتب الثالث أصحاب الفضل في مشاريعه المعمارية والحربية والمدنية سميه أمنحوتب بن حابو، وقد عبر عن خبرته في الدنيا والدين بقوله "تعمقت في الأقوال القدسي، واطلعت على أعمال تحوتي "رب الحكمة" الباهرة، وتزودت بكل أسرارها وكشفت عن كل فصولها واعتاد الناس على أن يستشيروني في كل أمورها ... "٤. واطمأن الفرعون إلى رجله هذا فعهد إليه بتربية ابنته، وسمح له بأن يقيم تماثيله الخاصة في رحاب الكرنك معبد آمون وفي معبد موت٥. وذاعت شهرة ابن حابو بالتقى وشجعه ذلك على أن يعد الناس في نقوش تماثيله، إن هم ترحموا عليه، بأن يتشفع لهم من ناحيته عند ربه آمون. وعندما بلغ الثمانين من عمره كان لا يزال يأمل في المزيد، فقال في نقوشه "بلغت الثمانين وأرجو أن أعيش حتى مائة


١ Cairo ٤٢١١٤; Berlin ٢٢٩٦; E. Drioton, Asae, Xxxviii, ٢٣١ F.
٢ Zaes, Lx, ٦٩.
٣ Louvre C ٢٦; Breasted, Op. Cit., Ii, ٧٦٣ F.; Zaes, Xxxix, ٤٧ F.
٤ Breasted, Op. Cit., Ii, ٩١٥.
٥ W. Helck, Der Einfluss Der Militarfuhrer, ٣ F., ١٢, ٢٢, Etc.

<<  <   >  >>