للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جرانيتية ضخمة، وذلك مما دعا المقريزي إلى أن يصفه في أيامه باسم الهرم الملون. وللهرم معبدان وطريق صاعد شأنه شأن بقية أهرام الأسرة الرابعة: معبد شعائر كبير ضخم معقد التركيب، بدأ المهندسون بناءه بأحجار ضخمة هائلة وأنفقوا فيه جهدًا كبيرًا١، ولكنهم لم يتموه في عهد صاحبه، على الرغم من أنه حكم أكثر من واحد وعشرين عامًا، فبقي ناقصًا إلى عهد الفرعون شبسكاف حيث أتموا بعض أجزائه من اللبن دون الحجر. وطريق صاعد كان شأنه شأن معبد الشعائر، وصف رجال منكاورع جزءًا من أرضيته بالحجر ثم أتمه رجال شبسكاف فبنوا بقية أرضيته وجدران من اللبن. ثم معبد الودي ولم يكن منكاورع قد أنشأ منه شيئًا ذا بال حتى وفاته، فأمر شبسكاف بتشييده باللبن أيضًا فيما خلا أعمدته وأعتاب أبوابه التي كان لا بد من أن تُبنى بالحجر٢. وفي ذلك كله ما يباعد بين حال آثار منكاورع وإمكانيات خليفته، وبين فخامة آثار سنفرو وخوفو وخفرع وضخامة عمارتها وضخامة الجهود التي بذلت فيها.

غير أن آثار منكاورع لم تخل على الرغم من ذلك مما يشهد لأهل العمارة والفن في عهده بالبراعة والقدرة على التجديد. وكان من صور تصرف المعماريين في بناء هرمه أنهم شقوا ثلاث قنوات رأسية كبيرة على جانبي أحد دهاليزه الداخلية لتنزلق فيها ثلاثة متاريس حجرية ضخمة ظلت مرفوعة على مساند حجرية أو خشبية حتى تم الدفن ثم أسقطت في قنواتها وسدت الدهليز سدًّا محكمًا "ولو أن إحكام سده لم يحل دون سرقة كنوزه". وشكلوا تابوت منكاورع من البازلت وزخرفوا جوانبه بما يشبه هيئة المشكاوات الرأسية التي كانت تتعاقب في واجهات القصور وواجهات أسوارها، وذلك على عكس توابيت أسلافه التي كانت عاطلة من الحلية٣. ونحتوا له بضعة تماثيل، مثله بعضها وحده، ومثله أحدها مع زوجه. ومثلته عدة مجموعات منها يقف مشدود القامة مع معبودين، المعبودة حتحور على جانب ومعبود آخر يرمز إلى إقليم من الأقاليم المصرية على جانب آخر٤، وكانت لحتحور منزلة خاصة في عهده تشبه منزلة باستة في عهد أبيه، فوصفته بعض أختامه بأنه حبيبها، وأظهرت في بعض تماثيلها معه تحيط خصره بذراعها وتلمس ذراعه بكفها. وبلغ الفنانون في نحتها جميعها مبلغًا طيبًا من دقة النحت ودقة التعبير وسلامة التنفيذ.

وتهيأ لكبار الأفراد في عهد منكاورع من الثراء وحرية التصرف في طرز مقابرهم وعناصرها أكثر مما تهيأ لهم ولأسلافهم في عهد أبيه وعهد جده. فكثرت تماثيلهم في مقابرهم، وزادت نقوشهم ومناظرهم على جدرانها، ونحتوا بعض هذه المقابر داخل الجدار الصخري لهضبة الجيزة عوضًا عن تشييدها من الحجر فوق سطح الأرض. ومارسوا شعائرهم فيها بحرية أوسع مما سمح لهم به أبوه وجده. واستن منكاروع سنة سياسية جديدة، فسمح بفتح قصره لأبناء المقربين إليه من كبار موظفيه، وعهد بتربيتهم إلى كبار رجال القصر مع أبنائه؛ ليشبوا أوفياء له مخلصين لبلاطه، وكان منهم شاب يدعى شبسبتاج. وصور صلات


١ يقال إن بعض الكتل التي استخدموها فيه بلغت زنة الواحدة منها ٣٠ طنًا.
٢ دعا إلى نسبة ... المعبد إلى عهد شبسكاف نص وجد في المعبد ذكر على لسان شبسكاف أنه شيده تذكارًا لأبيه ملك الصعيد والدلتا منكاورع – راجع قرار شبسكاف عن هرم منكاورع " Urk. I. ١٦٠" وقرار آخر لصالحه وصالح كهنته " Urk. I. ٢٧٧"
٣ غرق هذا التابوت، خلال نقله، في خليج بسكاي. Lepeius, Auswahl, Taf. Vii; L. D., Ii, ٢ E.
٤ Smith, A History Of Egyptan Sculpture.., Pl. ١٣; Urk., I, ١٥ G.

<<  <   >  >>