سياسة حكامه منصبًا غير ذي موضوع بعد أن انتحله نفر منهم لأنفسهم في وقت واحد. ومنع بعض حكام الصعيد القصي عن حكومة الدولة نصيبها من موارد أقاليم، فأصبحت شبه عاجزة عن تنفيذ أوامرها وممارسة تبعاتها وحقوقها، وأخذت ظواهر السخط تتجمع ضدها، واستعدت بعض طوائف الشعب للثورة عليها وعلى أوضاع الحياة كلها، لا سيما بعد أن عاث الجنود المرتزقة الذين استعانت بهم في جيشها فسادًا في الأرض دون خشية منها. ولم يتأت الخطر على الدولة حينذاك من الظروف الداخلية وحدها، وإنما دهمها كذلك من خارج حدودها، فتجددت أخطار الهجرات الأمورية بعد أن كانت قد خفت حدتها وانكسرت شرتها مؤقتًا على يدي ونى وجيشه، وتجرأ بدو سيناء وبدو فلسطين على حدود الدولة وهددوا أمن سبل تجارتها مع بقية بلاد الشام، وحرموها بذلك كثيرًا من دخول التجارة وضرائبها، ثم تسرب بعضهم إلى أراضي الدلتا وقراها وحاولوا الاستقرار فيها، وعجزت الحكومة القائمة عن تأديبهم وإلزامهم حدود الطاعة لها.