للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اتجاه القلة المستنيرة من المصريين دون كثرة المتشككين والمتزمتين والمحافظين. وعلى أية حال فثمة حقيقة واضحة يمكن أن تستنتج من كثرة هذه الاتجاهات، وهي دلالتها على مرونة العقائد المصرية القديمة وعدم التزامها صفة الجمود التي اعتادت أغلب المؤلفات الحديثة على أن تلصقها بها.

أسهبنا في الاستشهاد ببعض المثل العليا التي تضمنتها تعاليم خيتي في العصر الأهناسي، أو على الأصح بعض المثل العليا التي كان المصلحون ينادون بها في عهده. غير أنه لم يكن من المتوقع أن تطبق أمثالها في الحياة العامة بحذافيرها أو يلتزم الحكام بها التزامًا تامًّا فيما بينهم وبين المحكومين، وإنما كان شأنها شأن المثل العليا في كل مجتمع وزمان، بل وشأن المثل العليا في كل الأديان، ينادي المصلحون بها ثم يتفاوت الناس في مقدار تطبيقهم لها. وقد صورت هذه الأوضاع بشقيها، أي المثل العليا ومدى تطبيق الحكام لها، قصة تسمى اصطلاحًا باسم قصة "القروي الفصيح" ألفها أديب في العصر الأهناسي أو فيما بعده بقليل؛ ليصور بها ما هو كائن فعلًا في عصره من أوضاع الحكم والإدارة، ويعقب عليها بما يرجو المصلحون أن يسود عصره من أوضاع مستحبة بين الحكام والمحكومين، مما سوف نعرضه في تفصيل في حديث الأدب.

<<  <   >  >>