جديدة. كما مثل فترة انتقال من حياة فنية نشطة خصبة شملت مصر كلها، إلى حياة فنية محدودة الوسائل، ثم إلى حياة فنية نشطة أخرى خصبة جديدة.
غير أن ذلك كله لا يعني بطبيعة الحال أن عصر الانتقال كان عصرًا عقيمًا كله أو عصرًا خامدًا كله كما اعتاد بعض الباحثين الحديثين على تصويره في تسميتهم له بعصر "الاضمحلال الأول". فالعصر وإن غابت عنه وحدة الحكم في البلاد وقلت إمكانياته المادية واتصالاته الخارجية وضعف شأن ملوكه، إلا أنه كان في حقيقة أمره أشبه بفترة من التراخي المؤقت اضطرت مصر إليها اضطرارًا بعد أن قطعت ممن عمرها السياسي دورة تاريخية طويلة استمرت نحو تسعة قرون متصلة، وبعد أن شاخ جهازها السياسي والحربي ولم تخل فترة التراخي هذه من انتفاضات سياسية كما رأينا، صدرت عن أهناسيا حينًا وعن طيبة حينًا آخر، ولم تخل كذلك من انتفاضات فكرية تطلع أصحابها إلى نظام من الحكم يفضل كل ما تقدمه من نظم، وتطلعوا إلى حقوق للفرد تفضل كل ما حصل الأفراد عليه قبل ذلك من حقوق، كما تطلعوا على مصير كريم للفرد في الآخرة يفضل كل ما كان الأفراد يتطلعون إليه من قبل عن مصائرهم بعد الموت. وكان لحرية الكلمة بينهم في إثراء الأدب القديم بخواطر وأبواب جديدة آتت ثمارها بعدهم خلال الدولة الوسطى، ولم يكن ذلك كله بالشيء القليل.