للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البلاد في أواخر عصر الأسرة الثالثة عشرة لم تتأت عن أصحاب المطامع البعيدين عن العرش فحسب، وإنما تأتت كذلك من اضطراب الأمن في البلاط الفرعوني نفسه، واضطراب الأمور في جنوب مصر وشمالها الشرقي أيضًا. ويعنينا كذلك منها أنه لما أن عزت القوة المادية والحربية على حكام مصر حينذاك، اعتمد أعوانهم على طرق السحر والشعوذة وهي شر الطرق وأضعفها١.

وظل اضطراب الأمور فيما وراء الحدود الشرقية والشمالية الشرقية هو الخطر الأكبر، وقد استفحل شره حتى انتهى إلى نتيجة صورها المؤرخ المصر مانيتون، ونقلها عند المؤرخ اليهودي يوسيفوس، فقال في حديثه عن ملك ذكره باسم "توتيمايوس" "ددومس": "وفي عهده، كيف لا أدري، عصف بنا غضب الرب، ووفد غزاة من الشرق مجهولو الأصل إلى أرضنا دون توقع، وكلهم أمل في النصر، فهاجموها عنوة واستولوا عليها بسهولة، وتغلبوا على حكامها، وحرقوا مدننا في وحشية، وسووا معابد الأرباب بالأرض، وعاملوا المواطنين بخشونة وفظاظة، وذبحوا بعضهم واسترقوا نساء بعض آخر وأطفالهم".

وفي رواية مانيتون ما يشير إلى صعوبة التعرف على الأصول الجنسية للغزاة، وهذا حق، وما يشير على عنفهم والأضرار التي لحقت بمصر من جراء غزوتهم، وهذا أمر طبيعي منتظر من كل غاز، وفيها كذلك ما يشير على حيرته في معرفة أسباب حلول هذه النكبة ببلده، وكان بوسعه أن يخمنها فيما أصابها من تفكك وحدتها وتفرق كلمتها.

وفي نهاية حديثه عن الغزاة، ذكر مانيتون أن جنسهم كان يسمى في مجموعه باسم الهكسوس٢ ... وهؤلاء هم موضوع البحث التالي.


١ وقد عرفت لها أمثلة قديمة ولكنها كانت قليلة منزوية Cha ١٩٦٤. I, Ch. XX, ٤٧.
٢ Josephus, Contra Apionem, I, ١٤.

<<  <   >  >>