للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعندما هلك عبدو عشرتا لك ولده عزيرو مسلكه، في حين كتب ريب أدى إلى الفرعون قائلًا: "كان حكام كنعان إذا رأوا جنديًّا مصريًّا ولوا الأدبار، أما الآن فإن أبناء عبدو عشرتا يستخفون بالمصرين ويهددونني بأسلحة فتاكة". وغدا الرجل حسيرًا محصورًا في عاصمته جبيل كطائر في قفص، فكتب إلى الفرعون المصري يقول ثانية "قديمًا كان للملك عندنا قلعة مئونة، وكان الملك يكفل تموينها من إياريموتا، ولكن عزيرو يهاجمنا الآن مرارًا دون خوف، ولم يبق لي حاشية أو مئونة، بعد أن أصبحت قراي الآن في حوزة عزيرو، وهو يظهر لي الرغبة في أن أنضم إليه، ولكن لماذا أنضم إليه؟ إنهم أجراء أبناء عبد وعشرتا هؤلاء، يبغون مصالحهم ويخلفون مدن مولاي الملك طعامًا للنيران"١.

وكتب حاكم مدينة تونيب يردد نفس الشكوى قائلًا: "مولاي ملك مصر، نحن أهل تونيب أتباعك، ندعو لك بالحياة ونقبل قدميك، إن أمتك مدينة تونيب تقول من ذا الذي كان يستطيع أن ينهب تونيب دون أن ينتقم لها منخبريا "تحوتمس الثالث" ويفعل بالناهب ما فعل بها: إن آلهة مولانا الملك وتماثيله لدينا، وليسأل مولانا شيوخ رجاله ليعرف إذا ما كنا نقول الحقيقة أم غيرها. إذا لم يدركنا مشاة ملك مصر وعرباته قبل فوات الفرصة فإنه عزيرو سيصنع معنا ما صنعه في مدينة ني، وحينئذ لن نبك وحدنا بل سيبكي معنا أيضًا ملك مصر مما يرتكبه عزيرو من أعمال؛ لأنه سيرفع يده حينذاك ضد مولانا". وتوالت رسائل أهل تونيب وكتبوا إلى الفرعون يقولون له "إن مدينتك تونيب تبكي، ودموعها تجري، ولا ناصر لنا، أرسلنا عشرين رسالة إلى مولانا ملك مصر ولم نتلق ردًّا منه".

ومضى عزيرو في غيه، واستمال أمير صيدا الذي لجأ إليه ريب أدى في آخر مطافه فسلمه إليه، واستولى هو على ألازا "شمال طرابلس"، وأرداتا "قرب زغرتا"، وحرق أوجاريت ودمر سميرا، وظل يرسل خطاباته المخادعة إلى آخناتون يظهر ولاءه فيها. ويدعي أنه إنما يستولي على المدن ليحميها من الحيثيين، وأنه يخرب بعضها حتى لا يستفيدوا منها، وبلغت به صفاقته أنه كان يراسل الملك بأمله في أن يرى وجه مولاه البهي، وذهب إليه بالفعل ورجع آمنًا من عنده٢.

حدث هذا في أواسط سوريا وشمالها بتحريض الحيثيين وأطماع بعض الأموريين، وحدث ما يماثله في منطقة فلسطين، وقام بدور المخربين فيه جماعات العابيرو، وبدور عبدو عشرتا رجل يدعى لابآيو حكم مدينة سشم هاجم مدينة جزر وغيرها من مدن جيرانه، وتعاون هو وأولاده مع قبائل العابيرو وسمح لهم بدخول مدينته. وجأر الحكام بالشكوى منه إلى أمنحوتب الثالث ثم إلى آخناتون٣، فبلغت الصفاقة بلابآيو أن كتب إلى الفرعون قائلًا "إلى الملك مولاي وشمسي يقول لابآيو خادمك والتراب الذي تطأ عليه: أجثو لدى قدميك سبعًا وسبعًا. "وبعد أن تتصل من كل ما نسب إليه وادعى أنه وقف موقف المدافع"،


١ Op. Cit., No. ١٠٩: F. Steindorff-K.G.Seele, When Egypt Ruled The East, ١٠٧.
٢ Amarna Letters, No. ١٦٤ F.
٣ Ibid., Nos. ٢٤٤, ٢٧٠, ٢٨٧.

<<  <   >  >>