وأمنحوتب الثاني وتحوتمس الرابع وسيتي الأول وغيرهم، غلبت روح البساطة على ألوانها ونصوصها وزخارفها، ولم يبق على بعضها غير شريط طولي من النصوص يمتد من أسفل الصدر حتى القدمين، وثلاثة أشرطة عرضية تلتف حول الجسد بما يشبه أربطة الكفن، فضلًا عن تصوير ربة مجنحة تحيط صدر المتوفى بجناحيها ....
وتثير ظاهرة البساطة هنا الدهشة إذا قورنت بالثراء الفاحش الذي تمتع أصحابها به ودلت عليه معابدهم ونقوش مقابرهم، أو قورنت بثراء وروعة التوابيت التي عثر عليها فيما بعد في مقبرة توت عنخ آمون وهو من أقل الملوك أهمية وثراء. ويمكن تعليل ظاهرة بساطة توابيت المخابئ الملكية بأحد فرضين. فلعل لصوص المقابر كانوا قد نزعوا عنها أغشيتها من رقائق الذهب وما كان يرصعها من الأحجار الكريمة قبل أن تودع في مخابئها الأخيرة، وذلك فرض يزكيه بقاء قطع متناثرة من الكساء الذهبي القديم على تابوتي تحوتمس الأول وتحوتمس الثالث. ولم يكن من المتوقع حين أعيد ترميمها أن يعاد إليها رونقها وما نزعه اللصوص من زخارفها.
أما الفرض الآخر فهو أن بعض التوابيت العاطلة من الحلية ليست أكثر من توابيت بديلة عما تحطم أو سرق من التوابيت الملكية الأصيلة، ولم يكن من المنتظر أن تصنع بمثل فخامتها أو بكل تفاصيلها. واحتفظت أغلب توابيت خبيئة كبار كهنة عصر الأسرة الحادية والعشرين بروعتها وفخامتها. وتميزت ألوانها بطلاء أصفر فاقع لامع. وتعددت عليها صور المعبودات ورموزهم المقدسة ومناظر الآخرة والحساب وصور التعبد وتقديم القرابين، فضلًا على نصوص كتب الموتى.
ومن طريف ما يذكر أن واحدًا من أقدم هذه التوابيت وأجملها وهو تابوت كبير الكهنة في نجم الأول كان في حقيقته تابوتًا للملك تحوتمس الأول. وكأن كبير الكهنة قد أحل لنفسه ما أنكره على غيره. وظن أن ثوابه في معالجة جثة ذلك الملك المهاب وغيرها من جثث الملوك العظام يغطي على اغتصابه لتابوته١.
١ G. Maspero, Les Momies Royales De Deir El-Bahari, ١٨٨٩, ٧٢-٩٠; G. Eliot Smith, The Royal Mummies. ١٩١٢; G. Daressy, Cercueils Des Cachettes Royales, ١٩٠٩; Asa, Viii, ٣ F.; Jea, Xxxii, ٢٤-٣٠; Porter And Moss, Topographical Bibliography, I, ١٧٣ F., ١٩٨ F.