للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأنوناكي" أن ثبتوا عليها عيون الموت وقالوا كلمتهم بصرخة التجريم، فسقطت صريعة، فأخذوها وعلقوها في مسمار ... !

ومرت ثلاثة أيام على مصرعها، فعمل تابعها بوصيتها وملأ السماء نحيبًا من أجلها، واتجه إلى المعبود إنليل وبكى عنده وقال له فيما قال: "أيها الوالد إنليل، لا تترك ابنتك تهلك في العالم السفلي، لا تدع معدنك الطيب يعلوه الغبار، لا تدع لازوردك الحر يتفتت ... "، فقابله إنليل ببرود ورد عليه بما يفهم منه أنها هي التي اختارت مصيرها بنفسها ولم يجبرها أحد على أن تفعل ما فعلته.

وأعاد التابع الكرة على المعبود ننار رب القمر فلقي منه مثلما لقي من إنليل، فاتجه إلى إنكي رب الحكمة ووجد عنده بغينه، فخلق إنكي معبودين من درن قلامة ظفره المصبوغ باللون الأحمر، ووهب أحدهما طعام الحياة وأوصاه بأن ينثره على جسد إنانا ستين مرة، ووهب ثانيهما ماء الحياة وأوصاه أن يسكبه فوق جسدها ستين مرة، وأكد عليهما ألا يقربا نبات العالم السفلي ولا ماءه، فصدع الرسولان بما أمرهما به، وبذلك استخلصا جثة الملكة من مسمارها ونثرا عليها طعام الحياة وماءها فاستعادت إنانا حياتها، وتأهبت للصعود من العالم السلفي، ولكن الأنوناكي اشترطوا لخروجها أن تخضع للعرف القاضي بألا يخرج أحد من عالم الظلام دون تقديم بدليل عنه، فرضخت مرغمة واصطحبها زبانية الوت ضمانًا لوعدها، فقصدت بهم مدينة أوما ثم مدينة باد تبيعها ابتغاء التضحية بربيهما، ولكن هذين أظهرا لها الخضوع والتذلل حتى انصرفت عنهما واتجهت إلى كلاب دار زوجها دوموزي، وبدلًا من أن ينزل هذا لزوجته اعتلى عرشه، فحرضت الشياطين عليه ونطقت ضده بصرخة التجريم قائلة "أما هذا فخذوه" فبكى دوموزي حتى اخضر وجهه وتضرع إلى أخ زوجته أوتو رب الشمس أن يعينه وذكره بأنه هو الذي يزود بيت أمه بالزبد ويزود بيت ... باللبن.

وانتهى هنا الجزء الباقي من الأسطورة، ويبدو أن دوموزي لم يجد من ينجده فهبط العالم السفلى واستقر فيه، وظل النواح يتكرر عليه كل عام حتى حرمته التوراة وقال عنه النبي حقيال إنه لأمر بغيض.

وصورت إحدى لوحات قصة جلجميش محظورات العالم السفلي، في حديث جلجميش لصديقه وتابعه إنكيدو حين تطوع للنزول إلى العالم السفلى ليستنقذ منه آلتين موسيقيتين للربة إنانا، وأوصاه بألا يرتدي ثيابًا نظيفة وألا يتعطر وألا يأخذ معه عصا الرماية ولا يلبس نعلًا ولا يقبل زوجته أو يضربها ولا يقبل ولده أو يضربه، وكل ذلك حتى لا يستثير شياطين العالم السفلي ضده. ولكن إنكيدو تهاون وارتكب المحظور فأطبق عالم الموتى عليه وعجز عن الصعود منه. وعندئذ استنجد صديقه جلجميش رب الحكمة إنكي لينقذه، فأمر أوتو إله الشمس أن يثقب ثقبًا في العالم السفلي وأن يسمح لشيخ إنكيدو بالنفاذ منه، ففعل. وعندما خرج


١ Edward Chiers, Reme D’assyrilologle, Xxxiv, ٩٣ F.; S.N. Kramer, Op. Cit., ٥٢ F.; Journal Of The Cunnform Studies, V, ١٩٥١.
كرامر: من ألواح سومر - الفصل ١٩ - لوحة ٦٣.
٢ نفس المرجع - لوحة ٧٠، ص٣٢٤.

<<  <   >  >>