للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في مديرية أسيوط، ولو أن مصنوعاتها تلك كانت لا تزال في مراحلها المتواضعة الأولى، فاكتفى أهلها بأن صنعوا من النحاس مجموعات من الخرز الصغير استخدموها في صناعة الحلي، ومثاقب دقيقة طويلة استخدموها في ثقب الخرز الحجري، ودبابيس طويلة استخدموها في شبك أرديتهم الجلدية والكتانية١. ويذهب الرأي إلى رد حضارة البداري إلى النصف الثاني من الألف الخامس قبل ميلاد المسيح. وقد ورث أهلها مهارة أهل دير تاسا في زخارف فخارهم وفي عاداتهم وعقائدهم، ثم تطوروا بها إلى ما يناسب أذواقهم وأحوال عصرهم.

ففي الفخار صنعوا أواني رقيقة الجدران للغاية لا يكاد يدانيها في رقتها فخار آخر سابق لها. وفي زخارف الفخار اتخذوا من أشكال ورق الشجر وغصون النبات بديلًا عن خطوط الرسم المستقيمة والمائلة التي عرفتها دير تاسا من قبلهم، وقللوا غور الرسوم المحفورة على سطوح أواني الزينة واكتفوا بأن أخرجوها في حفر مسطح بسيط يكاد يستوي مع سطح الآنية المصقول بحيث لا تلحظ العين عمقه إلا بعد تدقيق٢.

وفي عادات الدفن استمر أهل البداري على العناية بموتاهم وبالأدوات التي توضع معهم، ثم بدءوا عادتين جديدتين وهما: وضع المتوفى على لوحة مسطحة، وتبطين جوانب المقبرة بالحصير٣. ويعتبر وضع المتوفى على اللوحة المسطحة مرحلة من مراحل التطور إلى فكرة وضعه داخل تابوت "وقد سبقتها مرحلة أخرى في دير تاسا بالنسبة لتوابيت الأطفال"، كما كان تبطين جوانب المقبرة بالحصير مرحلة من مراحل التطور إلى تبطينها بالخشب وتحديدها باللبن فيما تلا ذلك من عصور.

وشغف البداريون بأدوات الزينة والترف المناسبة لعصرهم، ولم تكن هذه قاصرة على نسائهم، وإنما اعتاد رجالهم أيضًا أن يتزينوا بالأساور في المعاصم والدمالج٤. واستحبوا الأصداف والخرز في زينتهم، وسلكوا حبات الخرز في خيوط الكتان وشعر البقر واستخدموها قلائد وأساور ورصعوا بها أساور العاج، وتزينوا بقليل من الخواتم العاجية والعظيمة وشنوف الآذان وربما شنوف الأنوف أيضًا٥. وصنعوا أمشاطهم من العظم والعاج بأسنان طويلة وتفننوا في هيئاتها وشكلوا أجزاءها العليا على هيئة رءوس الطيور٦. وصنعوا إبرهم من النحاس فضلًا على العظم والعاج، واهتدوا إلى طريقة ثقبها٧، ولم يكن ذلك الاهتداء بالأمر الهين في شئون حياتهم اليومية على الرغم من بساطته. وكان أمتع ما خلفوه من الأدوات الرقيقة ملاعق من العاج، فقد صنعوها بأشكال لا تكاد تختلف عن أشكالها الحالية، ونوعوا تجاويفها بين هيئة المستطيل والبيضاوي


١ G.Brunton & Caton-Thompsob, The Balarian Civilistion, ١٩٢٨, ٧, ٢٧, ٣٣, ٤١, Pl. Xxvi.
٢ Ibid., ٢٠. F., Pls. Xii, Xiv, Xviii, Etc.
٣ Ibid., ١٨, ٢٠.
٤ Ibid., ٢٧, ٢٨, ٣٠, ٤٠ F.,
٥ Ibid., ٣٠, Pls. Xxiii, ٢١, Xxiv, ٧-١٢, ١٣; Mostagedda, Pl. Xxv, ١٢, ١٣, ٣٣.
٦ Bad. Civil.. Pls. Xxiv, ٤, ١٨; Mostagedda, Pl. Xxiv, ٢.
٧ Mostagedda, Pls. Xxv; Bad. Civil., ٣٢-٣٣, Pls. Xx, ١٦, Xxiii, ٢٦-٢٨; Xxvi, I, Xxix, ٤.

<<  <   >  >>