للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقبضها معركة جرت على البر والماء بين فريقين اتخذ أحدهما هيئة المصريين واتخذ ثانيهما هيئة الليبيين، وكانت الغلبة للفريق الأول. وصور في معركة الماء ثلاث مراكب على الطراز المصري المعتاد، وتعاقبت هذه المراكب خلف بعضها ولكن أطرافها تداخلت مع بعضها. ثم صور مركبين في صف مستقل على طراز آخر مختلف ارتفعت فيه مقدمة المركب ومؤخرتها ارتفاعًا كبيرًا. وعبر عن نتيجة المعركة بصور رجال غرقى صورهم في أوضاع مختلفة بين صفي المراكب. ونقش الفنان على الوجه الثاني للمقبض موضوعات أخرى، بدأها في الصف العلوي بتصوير شيخ كبير ملتح يشبه هيئة الساميين القدماء ويرتدي رداء كثيفًا يمتد من وسطه حتى منتصف ساقيه، ويلبس عمامة فوق رأسه، ويفصل بيديه المجردتين بين أسدين ناهضين عظيمين أو يحاول إخضاعهما لسطوته، وصور تحته بيئة صيد كبيرة تضمنت حيوانات برية تميزت منها صورة لبؤة تهاجم ثورًا وحشيًّا من خلفه.

هذا عن موضوعات مقبض السكين، أما دلالتها، فيغلب الظن أن صاحبها أراد أن يعبر بها عن أحداث قديمة وأفكار معينة، وإن ظلت هذه الأحداث والأفكار موضعًا لتفسيرات شتى، فرأى أغلب الباحثين وضوح التأثير الآسيوي، والعراقي بخاصة، في موضوعاتها، واستدلوا على ذلك بتصوير الشيخ ذي العمامة والرداء السميك، وفكرة الفصل بين الأسدين، ومهاجمة اللبؤة لفريستها من خلفها، وتصوير المركبين الغريبتين عن الطراز المعتاد للمراكب المصرية، مع شيوع هذه العناصر كلها في الطراز العراقي خلال حضارات الوركاء وسومر١. بينما رأى باحثون آخرون تداخل عنصر الصحراء الغربية في موضوعات النقوش واستدلوا على ذلك بصور أحد الفريقين المتقاتلين وصور الحيوانات التي عاشت أمثالها في الصحراء الغربية سواء البرية منها أم الأليفة.

ولكننا نرى من ناحيتنا أن العنصر المصري هو العنصر الغالب على نقوش المقبض من حيث الأسلوب ومن حيث الموضوع. فأسلوب النقش فيها أسلوب مصري صريح، سواء في تصوير الإنسان أم في تصوير الحيوان. والفريق المنتصر في معركة البر ومعركة الماء هو الفريق المصري، ولم يكن من المنتظر أن يصور نصر المصريين فنان غير مصري. ورموز المركبين الغريبتين يمكن تقريبها إلى الرموز المصرية المقدسة المعروفة، ويمكن أن نعتبر المركبين الغريبتين من مراكب السواحل المصرية الشمالية الغريبة القريبة من الحدود الليبية، والتي لم تتبق من صورها باقية، لا سيما وقد لوحظ أن بعض آثار هذه السواحل لم تخل من تشابه مع آثار حضارة نقادة الثانية٢، وأن أحد الفريقين المتقاتلين على البر تغلب عليه الهيئة الليبية كما أسلفنا. وتتبقى صورة الشيخ ذي العمامة واللحية والثوب الكثيف، وهذه إذا صح أنها تشبه صور العراقيين الأوائل، فلا بأس من أن نفترض أن الفنان المصري استوحاها من أثر عراقي وصل إليه عن طريق التجارة وقلدها على مقبض


١ For References See, A. Scharff, Die Fruhkulturen Aegypten Und Mesoptamiens, ١٩٤١ ; R Weill, Op, Cit., ٢e Pautie, ٢٩٧ F.
٢ See, O. Bates, "Archaic Burials Marsa Matruh", Ancient Egypt ١٩١٥, ١٥٨. Compare Also, Moret, Op. Cit.

<<  <   >  >>