للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على فخذه ليشل حركته ويجبره على الاستسلام. وأبدع فنان الصلاية تمثيل القوة البدنية للفحل وإظهار تفاصيل جسده وعضلات سيقانه، ولكنه تصرف في تشكيل رأسه وعينيه، فكسا جبهته ومقدمة رأسه بشعر مموج مرتب وأظهر خطوطًا حول عينيه وأنفه توحي بأن وجهه قد كُسي بغطاء مزخرف. ولم يرمز به إلى ثور حقيقي أو معبود، وإنما رمز به إلى ملكه الذي تخيله ذا بطش شديد. والفحول فيما هو معروف أكثر الحيوانات الأليفة في البيئات الزراعية نفعًا حين هدوئها وأكثرها احتمالًا حين عملها ثم أكثرها بطشًا حين غضبها، ولهذا ظل تشبيه الملوك المصريين بالفحول قرينًا لتشبيههم بالأسود١.

وأدت نقوش الأختام الأسطوانية المهمة نفسها، وكانت الأختام عبارة عن قطع أسطوانية صغيرة من العاج أو الحجر أو الخشب تنقش عليها صور وعلامات يختم صاحبها بها على الطين فتؤدي غرض الختم ذي التوقيع٢. واستغل الفنانون أهمها سجلوا عليها بعض أحداث عصرهم تسجيلًا يناسبها. وبقيت منها ثلاثة أختام نقشت على سطوحها صورة حاكم يأخذ بناصية أسير مقيد ويهم بضربه بمقمعته على أم رأسه. وكررت الصورة على سطح كل ختم أحيانًا بحيث إذا ختم به ودار دورة كاملة طبع تسع صور أو اثنتي عشرة صورة من صوره.


١ لم يكن تشبيه الأبطال وكبار الشعراء بالفحول غريبًا عن العقلية العربية، والطريف أن أهل كسلا في السودان يمجدون أحد أولياء مدينتهم بقولهم "ياثور كسلا ياذا اللبن الأبيض"، ولو أن هرمان كيس يعتبر الفحول التي رمز المصريون بها إلى ملوكهم ثيرانًا وحشية، ويراها من ذكريات عصور الصيد القديمة. " Kee, G?tter., ٦; Das Alte Aegypten, ٥"
٢ وجد ختمان أسطوانيان من أواسط عهد حضارة نقادة الثانية " Harageh, ١٤ Pl. Vi, ٣" ويذكر شارف أنهما من نوع الأختام التي عرفت في حضارة الوركاء بالعراق. " Zaes, ١٩٣٥, ١٠ Lf."

<<  <   >  >>