فقال: ما حاجتك؟ قالت: ليس مثلي يطلب إلى مثلك حاجة, فتخير أنت فأعطاها خمسين من الإبل.
ثم قال: ويحك يا ليلى, أكما يقول الناس كان توبة؟ فقالت: يا أمير المؤمنين ليس كل الناس يقول حقاً, الناس شجرة بغي, يحسدون النعم حيث كانت, وعلى من كانت, كان توبة سبط البنان, حديد اللسان شجى للأقران, كريم المخبر, عفيف المئزر, جميل المنظر, كان كما قلت ولم أبعد عن الحق فيه: (من الطويل)
بعيد المدى لا يبلغ القوم قعره ... ألد ملد يغلب الحق باطله
إذا حل ركب في ذراه وظله ... ليمنعهم مما تخاف نوازله
حماهم بنصل السيف من كل فادح ... يخافونه حتى تموت خصائله
فقال معاوية: ويحك يا ليلى يزعم الناس أنه كان عاهراً فاجراً, فقالت من ساعتها مرتجلة: (من الطويل)
معاذ إلهي كان والله سيداً ... جواداً على العلات جماً نوافله
أغر خفاجياً يرى البخل سبة ... تحلب كفاه الندى وأنامله
عفيفاً بعيد الهم صلباً قناته ... جميلاً محياه قليلاً غوائله
وقد علم الجوع الذي بات سارياً ... على الضيف والجيران أنك قاتله
وأنك رحب الباع يا توب بالقرى ... إذا ما لئيم القوم ضاقت منازله
وكان إذا ما الضيف أرغى بعيره ... لديه أتاه نيله وفواضله
فقال: ويحك يا ليلى لقد جزت بتوبة قدره, فقالت: والله لو رأيته وخبرته لعلمت أني مقصرة في نعته, لا أبلغ كنه ما هو له أهل, فقال لها في أي سنٍ كان.