وقف إليها رجل فأعجبته وراودها عن نفسها. فقالت له: هبك ليس لك مانع من أدبٍ أما لك زاجر من الحياء؟ فقال لها: لن يرانا إلا الكواكب. فقالت: وأين مكوكبها فقال لها: إلك بعل؟ قالت قد كان, ولكن دعي إلى ما خلق له ثم قالت:(من البسيط)
إني وأن عرضت أشياء تضحكني ... لموجع القلب مطوي على الحزن
إذا دجا الليل أحيالي تذكره ... وزادني الصبح أشجاناً على شجني
وكيف ترقد عين صار مؤنسها ... بين التراب وبين القبر والكفن
أبلي الثرى وتراب الأرض جدته ... كأن صورته الحسناء لم تكن
أبكي عليه حنيناً حين أذكره ... حنين والهةٍ حنت إلى وطن
أبكي على من حنت ظهري مصيبته ... وطيَّرَ النوم عن عيني وأرقني
والله لا أنس حبي الدهر ما سجعت ... حمامة أو بكى طير على فنن
فقال لها: هل لك في زوجٍ فأطرقت ملياً ثم قالت (من البسيط)
كنا كغصنين في أصل غذاؤهما ... ماء الجداول في روضات جنات
فاجتث خيرهما من جنب صاحبه ... دهر يكر بفرحاتٍ وترحات
وكان عاهدني إن خانني زمني ... أن لا يضاجع أنثى بعد مثواتي
وكنت عاهدته أيضاً فعاجله ... ريب المنون قريباً مذ سنيات
فاصرف عنانك عمن ليس يردعها ... عن الوفاء خلاب في التحيات