منها بمخلوق، ولا فوضت في جميعها إلا لأعدل فاتح وأحفظ موثوق، أسأله أن يجعلها كفارة للسيئات، وطهارة من دون الخطيئات، بمنه وكرمه، وأن خطاب السيد وصل، غب ما تجافى ومطل، فكان لحبيب المقبل، حقه أن يستمال ويستننزل، ولا عيب عليه فيما فعل، وقد علمت أنه أبطاً برهة متصلة، فما أخطا حفاظاً بظهر الغيب وصلة، وإنما نهنه عن مقتضى نظره، لينبه بفحوى تأخره، على أن العوائد أحمد من الباديات، والفوائد في النتائج لا في المقدمات، كما ختم الطعام بالحلواء، بل كما نسخ الكلام بالضياء، وبعث محمد آخر الأنبياء، وأن اختفاءه لمقدور حق قدره، ووفاءه لجدير بالمبالغة في شكره، ولقد بلغت مكارمته مداها، وسلت مساهمته عما اقتضاها، وقد آن أن ندع في ذكرى نهب صيح في حجراته، واستبيح من جهاته، وخطب وقد صرف الله عدآءه، وكشف بفضله غماءه، ولكن حديثاً ما حديث سحر جلوته مقالا، وسموت به إلى المهج حالا فحالا، يخترق الحجب إلى صميمها، ويرفق الآداب في تقاسيمها، ويخيل بالمعجزات عيانها، ويستميل إلى غرائب المبدعات أذهانها، ابابل في ضمير أقلامك، وما أنزل على الملكين في وزن كلامك، أم هو البيان لا غطاء دونه، وما أحقه أن يكونه، فما تسحر إلا بحلال، ولا تذر ثنية للعقول إلا أطلعتها بأهدى مقال: وإن قسيمك المجل لقدرك، وحميمك المتناهي في برك، تصفح ثناءك مجداً وطولاً، واستوضح أخاك عقداً وقولاً وأعطاك صفقة يمينه على المودة والإكبار، وولاك صفوة يقينه صادقة الإعلان والأسرار، فلن تزال بتوفيق الله ومجده، حيث تنشده وتعهده، على إبر ما تعتقده، إن شاء الله، ولما نفذ في أمره ما نفذ، وانفصل عن أمير المسلمين وانتبذ، خيرة في بلاد المغرب فاختار سلا، واعتقد أنه يانس فيها ويسلا، بمجاورة بني القاسم الذين غدوا بدور سمائها، وصدور سمائها، فلما حلها انقبض عليه أبو لعباس انقباضا تعي عليه أقبح نعي، ونسب فيه إلى قلة الوفاء والرعي، وكان بينهما أيام وزارته مودة محمودة التواخي، مشدودة الأواخي، واشتملت إذ ذاك على أبي العباس مساع أدجت مطلعه، وحنت على الوجد أضلعه، فجذب فيها أبو محمد بضبعه، والقاه بين بصر العضد وسمعه، فلما وردت مشيت إليه ونقمت عليه صدوده، وإيحاشة لمن كان ودوده، وعرفته بحرماته، وأوقفته على مواته، فاعتذر، بما يخاف من أمير المسلمين ويحذر، وكتب إليه، بسيط